مارينا السومحي قصة ملهمة من حديبو    

شارك المقال

سبأ الجاملي – نسوان فويس 

من ارخبيل سقطرى تلك الجزيرة الحالمة والتي سماها  قدماء اليونان والرومان بجزيرة السعادة لجمال طبيعتها وبهاء مناظرها وتفردها بما حوته من مشاهد لا توجد على وجه الأرض، من تلك الجزيرة الفريدة والنادرة تولد الكثير من قصص النجاح والكفاح..

قصتنا اليوم قصة نجاح وتميز تحكيها لنا مارينا  صالح السومحي رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة بأرخبيل سقطرى  من مدينة حديبو عاصمة الجزيرة وإحدى أهم مديرياتها نظرًا لما تحويه من طبيعة خلابة وسهول ساحلية جذابة.. قصتنا  لفتاة نشأت وترعرعت في أحضان الطبيعة  التي تمد ابنائها بالطاقة الايجابية وتغذيهم بهوائها الصافي النقي.. وهذا ما بدأت حديثها به  مارينا السومحي وعبرت عنه تقول:

“ولدت عام 1982م لأسرة محافظة  جدًا ومعروفة  عشت طفولتي وتربيت بين أزقة حديبو في سهولها وبحرها وعلى روابيها وكان لطبيعة جزيرتي دور كبير في تكوين شخصيتي القوية، درست بمدرسة الشهيد مدرم وحصلت على الشهادتين الابتدائية والاساسية وكنت من ضمن المتفوقات بالمدرسة، بعدها انتقلت لأكمل دراستي الثانوية في مدرسة خالد بن الوليد حتى تخرجت وحصلت على الشهادة الثانوية عام 1998م”

كان لمارينا طموح كبير وشغف وحب للتعليم والدراسة فأحبت أن تثبت نفسها للجميع بجدارة وأن تحقق لها ولأسرتها ومجتمعها أهداف كثيرة  رسمتها،  لعلها تساهم وتعطي لهذه الجزيرة وابنائها ما يحتاجون إليه  وما ساعد مارينا في تحقيق حلمها  والوصول إليه هو وجود والدها ومثلها الأعلى  الذي قدم لها الدعم والتشجيع

حيث تقول: “لأني آخر العنقود بالعائلة دللني والدي وشجعني ووقف إلى جانبي كثيرًا وهذا نمّى شخصيتي وجعلني أكثر قوة وثقه بنفسي وبقدراتي فالتحقت بمساق الدبلوم كلية التربية تخصص لغة عربية، وبعد عامين تخرجت وتوظفت بإحدى المدارس، فعملت معلمة وفرضت نفسي بنجاحي كتربوية متميزة بالمجتمع”

إن تأثير العائلة والأسرة على الفرد كبير فإذا كانت العائلة داعمة ومشجعة خلق ذلك شخصية نافعة و مؤثرة  في المجتمع وهذا ما يميز قصة مارينا عن غيرها من القصص فقد حظيت بأسرة  واعية متفهمة ما جعلها أكثر حماسًا وإصرارًا للوصول لأهدافها تقول:

“لم اواجه أي اعتراض بل على العكس كانت أمي حريصة على تعليمي وكان أبي يوفر لي كتب اللغة العربية التي كنت احتاجها بدراستي في مساق الدبلوم، اعتمادي كان على مكانة أسرتي ووقوفهم بجانبي أولًا، وثانيا على تفوقي في دراستي ونجاحي في عملي .

يشعر الإنسان بسعادة غامرة ونشوة بالغة عندما يستطيع أن يحرز نجاحًا  أو يحقق إنجازًا أو أمنية، على مستوى حياته الخاصة، سواء كان ذلك في مجال التحصيل العلمي أو العمل المهني، حيث يشعر بفخر واعتزاز ورضا عن النفس كما عبرت عن ذلك مارينا..

تقول: “هناك مواقف كثيرة راسخة بعقلي وأهمها أنني حققت لنفسي مكانة مرموقة في سقطرى عامة وفي نفوس طلابي خاصة”

تضيف: “أيضًا في عام 2015م أعلنت جزيرة سقطرى محافظة، بعد ما كانت تابعة لعدن ومن ثم حضرموت لعقود من الزمن وبهذا الإعلان أصبحت سقطرى محافظة توفرت فيها الكثير من فرص العمل لقطاع الشباب والمرأة وتم تعييني بقرار محافظ المحافظة الأستاذ سعيد سالم باحقيبة حفظه الله، مدير عام مكتب اللجنة الوطنية للمرأة بالمحافظة، وبذلك أصبحت أول امرأة سقطرية تحصل على قرار بتعيينها مديرًا عام على مستوى المحافظة، لم يكن هذا القرار عشوائيًا بل أستند على شهادات زملاء العمل وشخصيات اعتبارية من شيوخ ووجهاء المجتمع السقطري،  بعدها تم تعيين نساء أكثر في مختلف القطاعات والمكاتب التنفيذية الاخرى”.

قد لا تتوفر كل الامكانيات والرغبات وقد لا نجد الطريق الذي نسلكه معبدًا بالورود بل على العكس تواجهنا الكثير من الصعوبات والمعوقات وهذا أمر طبيعي في الحياة، فالمرونة التي هي شرط من شروط النجاح، تقتضي علينا أن نعيد النظر دائمًا بخطواتنا نحو الهدف، وأن نكون قادرين في أي لحظة على الانعطاف المناسب والتغيير السلس كما فعلت مارينا عندما اكتشفت أن الكلية التي ترغب في الدخول إليها غير موجودة في جزيرة سقطرى و التي عانت كثيرًا من قلة التخصصات في الجامعة فلم يكن هناك تقريبًا سوى كليات محدودة وهذا جعل الكثير من ابناء وبنات المحافظة لا يستطيعون الالتحاق بالكليات التي يرغبون بها .

تقول: “واجهتني بعض المشكلات منها أني كنت أرغب في الالتحاق بكلية الحقوق لكني تفاجأت أن هذا التخصص غير موجود وبتلك الفترة لم يكن هناك  إلا تخصصات محدودة جدًا إضافة إلى أني لم استطع إكمال تعليمي الجامعي واكتفيت بالدبلوم، كما واجهتني صعوبات كثيرة في عملي خاصة أن مجتمع سقطرى يغلب عليه الطابع الذكوري، ولكن فرضنا أنفسنا من خلال تفعيل دور المكتب في قضايا المرأة ودورها في بناء السلام والإنسان والوطن، وانخراطنا في العمل السياسي أضاف لشخصيتنا كثير من الحنكة والصبر والإصرار على إبراز دور المرأة في المجتمع وما تحدثه من تغيير إيجابي على الصعيد الشخصي والاجتماعي” .

تضيف مارينا: “هناك مشاكل كثيرة موجودة بالمجتمع السقطري منها اجتماعية وثقافية وعلمية تتلخص بعدم قدرة الفتيات على إكمال تعليمهن بسبب بعد القرى عن المدارس كذلك الزواج المبكر وعدم وعي الأهالي بأضرار هذا الزواج النفسي والجسدي على الفتيات وأيضًا عدم وجود كليات وتخصصات متنوعة للآن في المحافظة” .

وفي آخر لقائنا بمارينا أحبت أن توجه رسالة للمرأة تقول: “نصيحتي لكل امرأة عاملة عليها أن تعلم أن أي عمل تقوم به يجب عليها أن تستشعر الأمانة والمسؤولية تجاهه وأن تعمل بإتقان وإخلاص وتحافظ على النجاح الذي حققته من خلال عملها وتتألق وتطور من نفسها وأسرتها ومجتمعها

ورسالتي للمجتمع هي يجب أن تعطي للفتاة مساحة في التعليم وفي العمل حتى تكون جزء من رقي وتطوير مجتمعها وتنهض به نحو حياة كريمة يسودها الوعي والرقي لأن المرأة نصف المجتمع وهي أيضًا من يقوم بالاهتمام بالنصف الاخر، فإذا كانت متعلمة يكون المجتمع متعلم وأجياله نافعة،

إن نشر وإشاعة ثقافة النجاح مسؤولية الآباء والمعلمين والمسؤولين ووسائل الصحافة والإعلام على اختلافها، وكل من يملك قوة التأثير؛ لأن من شأن هذه الثقافة أن تشكل وعيًا مجتمعيًا كبيرًا، يساهم في إحداث نقلة كبيرة، وتغيير نوعي في سلوكيات الناس وأخلاقياتهم، ويتحول المجتمع من التنافسية والتسابق والأنانية، إلى التشاركية والتآزر والمساندة والدعم، ويغدو نجاح أي فرد نجاح للجميع، وكل قصة نجاح مصدر إلهام وتحفيز”.

مقالات اخرى