الفسخ.. نساء في مواجه الحياة و أزواج يتنصلون من المسؤولية

شارك المقال

مروى العريقي – نسوان فويس

الفسخ الحل الذي لم ترغب في الوصول إليه سميرة (اسم مستعار) مع والد ابنتها لكنه الخيار الأفضل لتنال استقلالها و تشرع بحياة جديدة لم تستعد لها مسبقا ، سميرة و غيرها من النساء في اليمن تُهيئهن عائلاتهن على أن يصبحن ربات منازل ماهرات يعتنين بالزوج و الأمور المنزلية و تربية الأطفال ، فتنشأ المرأة معتمدة اعتماد كليا على الزوج و الذي قد يتنصل من مهامه لسبب أو لآخر فتغدو المرأة بلا عائل أو تحصيل علمي يقيها العوز و الحاجة ..

تتحسر سميرة على حياتها التي لم تجد فيها سوى سنوات البؤس و الشقاء ، و تجاهد في كسب لقمة العيش بالعمل في أحد المطاعم بالعاصمة صنعاء حتى توفر لابنتها حياة أفضل من الحياة التي عاشتها تقول : ” اريد لبنتي أن تتعلم و تسند نفسها بنتي إلى اليوم لم ترى أبوها و لا تعرف شكله !”

تزوجت سميرة قبل عشر سنوات ، و استمرت مدة زواجها خمسة أشهر، بعدها غادر زوجها إلى السعودية و انقطعت اخباره ، ظلت على تواصل مع اقرباءه الذين لا يعرفون عنه شيء تقول لمنصة نسوان فويس : ” حين وضعت ابنتي أبلغوني أهله أنه عاد إلى القرية و تزوج قريبته ، بقيت معلقة لا أني مزوجة و لا أني مطلقة فلجأت الى المحكمة من أجل الطلاق..”

كل ما تطلبه طالبات الخلع في المحاكم هو الاستقلال بذاتهن ، و إزالة عصمة الرجل الذي تنسب له دون تحقيق منفعة النفقة ، و في ظل شحة فرص العمل في بيئة حرب تحول دون حصول كثيرين على أعمال تعود عليهم بالمال اكتظت محاكم الأسرة بقضايا طلب الفسخ..

أم محمد (اسم مستعار) هي الأخرى حصلت على ورقة طلاقها عبر المحكمة في مدينة ذمار- جنوب العاصمة صنعاء-  بعد جلسات عدة لم يحضرها طليقها ، الذي تركها في منزل والدها و لم يعد ، تزوجت أم محمد بسن صغيرة تركت تعليمها مبكرا هي اليوم لا تجيد القراءة و الكتابة و هذا ما اضطرها إلى العمل في التنظيف فهي الوظيفة الوحيدة التي لا تتطلب أي مؤهل ، برضا تام عن حالها و أمل ترجوه في مستقبل جيد لفلذة كبدها تقول لمنصة نسوان فويس : ” درست إلى صف سادس لكني ما أقدر اقرأ و اكتب تمام ، و الوظائف كلها تحتاج من تعرف القراءة و الكتابة ، و أملي في ابني أن الله يعوضني به “..

الأسباب

على الرغم من أن المجتمع اليمني لازالت تسيطر عليه موروثات ثقافية قديمة و يخضع لأعراف قبلية متشددة تفرض على الرجل الانفاق على المرأة مقابل أن تظل في المنزل للاهتمام بالأعمال المنزلية و الأطفال و الزوج ، هناك عدد من النساء سنحت لهن الفرصة بالعمل ما أتاح لهن المشاركة في تحمل جزء من المسؤولية الملقاة على الرجال ، و هو ما اتخذه عدد منهم كسبب للتنصل عن مسؤولياته كما توضح ذلك لنسوان فويس أستاذ علم الاجتماع بجامعة العلوم و التكنولوجيا بصنعاء لينا العبسي : ” خروج المرأة للعمل أتاح لها فرصة تقديم المساعدة للرجل هناك من يقدر و يثمن ما تقوم به المرأة من مساعدته في النفقة على المنزل و كفاية الأولاد بتوفير الحاجيات الأساسية و هناك من اتخذ هذه الوسيلة كسبب للتنصل عن مسؤولياته و تعلموا الاتكالية لأن المرأة قادرة على تغطية العجز القائم..”

و ترجح العبسي سبب آخر يتمثل في ظل الوضع الاقتصادي الحالي المتدني نتيجة انقطاع الرواتب و شحة فرص العمل يُقدم الكثير من الرجل إلى التنصل عن عدد من المهام باعتبار أنها ليست ذا أولوية قصوى و لو كانت مهمة لكنه لا يستطيع إنجازها فيترك للمرأة مسألة إنجازها بشكل أو بآخر..

القانون

و بحسب المحامية و المدافعة عن الحقوق و الحريات سماح سبيع فإن هذه القضايا أصبحت كثيرة في المحاكم و أمر شائع أن تطلب المرأة الفسخ بسبب غياب الزوج فكثير من الرجال إما ذهب للجبهة أو اغترب خارج البلاد..

فيما ينص القانون اليمني صراحة على وجوب نفقة الزوج على زوجته و أطفاله ، ترى سبيع أنه في الواقع و نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة و الحرب أصبحت كثير من النساء هن اللواتي ينفقن ، الأمر الذي وجده البعض فرصة للهروب من المسؤولية..

توضح سبيع أن القانون حدد للمرأة في حال تغيب زوجها و انقطعت اخباره لمدة سنه بحيث أنه لا ينفق عليها و لا على أطفاله أو كان مسجونا يحق لها اللجوء للقضاء، بموجب المادة رقم (52) التي تنص على أنه لزوجة الغائب في مكان مجهول أو خارج الوطن فسخ عقد النكاح بعد انقضاء سنة واحدة لغير المنفق و بعد سنتين للمنفق تنصب المحكمة الأقرب فالأقرب لهذا الرجل ، و دعوى الفسخ لعدم الانفاق تأخذ مدة أقصر من أي دعوه أخرى كدعوة الفسخ للكراهة أو الفسخ للضرر أو الخلع..

و بحسب سبيع فإن قضايا الفسخ للكراهة تكون إما نتيجة تعرض المرأة للعنف أو نتيجة مرض أو عيب خلقي لم يتبين من قبل أو لعدم الكفاءة في الدين و القيم ..

الفروق بين الخلع و الفسخ و الطلاق 

الحلول

ترى العبسي أن تمكين المرأة اقتصاديا داخل المجتمع هو الحل الأمثل لهذه المشكلة من خلال اتاحة فرص عمل مناسبة ، خاصة للمرأة التي لديها أطفال كي تعمل على رعايتهم دون حاجتها للتسول أو مد يد العون لأشخاص يكونون سبب في تفاقم مشاكلها ..

و تنوه العبسي إلى أن هذه المشكلة تستدعي الوقوف بشكل جدي مع المرأة كي لا ندفع بها أو بالأولاد إلى ممارسة تصرفات قد تبدو منحرفة للبحث عن مصادر العيش..

مقالات اخرى