أمل وحيش – نسوان فويس
المراهقة هي مرحلة عمرية صنفتها اليونيسيف بأنها المرحلة التي يبدأ فيها الأبناء بتجاوز نطاق أسرهم ليقيموا أواصر قوية مع أقرانهم، و يبحثون عن طرق ليتميزوا و يشعروا بالانتماء ، و حددت اليونيسف مرحلة عمرية لهذه الفئة حيث تبدأ فترة المراهقة من 10 إلى 19 سنة يبدأ الأولاد و البنات بالتفاعل مع العالم بطرق جديدة.
في اليمن يبقى سن المراهقة معتمداً على طبيعة البيئة التي يعيش فيها الأولاد و البنات تحديداً محور حديثنا في هذه المادة.
ليست مرحلة خطيرة كما يروج لها و إنما مرحلة عمرية كبقية المراحل تحتاج لقليل من الاهتمام و الحب برأي أبو ايمن.
طبيعة الأسرة
تختلف تربية البنات من أسرة لأخرى في اليمن و ذلك تبعاً للبيئة سواء كانت ريفية أم حضرية ، أو بيئة دينية متشددة ، أو متوسطة و معتدلة و هذا ينعكس إما إيجاباً أو سلباً على تربية و تنشئة الفتاة.
أبو أيمن اسم مستعار يقول انه نشأ في بيئة معقدة و متشددة جداً فكل شيء كان شبه محرم على الفتاة فلا كلمة لها و لا قول و لا رأي و كذلك الولد يتربى بعنف باعتقاد الأهل أنه رجل و يجب أن يكون شديد و صارم لمواجهة الحياة ، لكن هذه البيئة بعد أن كبر أبو أيمن تزوج و أنجب الأولاد والبنات تغيرت مفاهيم كثيرة لديه بحسب قوله ، و أهم مفهوم هو تجاه البنات كونهن محرومات من أشياء كثيرة كما يتذكر وضع أخواته في السابق ، لكنه قرر أن يتعامل معهن بخلاف ما كان والده و أن يمنحهن مساحة من الحب و الاهتمام و الثقة خاصة و أنهن ثلاث واثنتان منهن في سن مراهقة و في هذا السن كما يقول تحتاج الفتاة لرعاية مختلفة ، و اهتمام و سؤال خاصة أن الفتاة كلما كبرت و اختلطت بالأخريات من الصديقات تغيرت لديها مفاهيم كثيرة و أفكار قد تكون صحيحة و قد تكون خاطئة يمكن أن تعرضها للخطر في حال لم يهتم الأب و الأم لأمر ابنتهم و معاملتها على أنها لم تعد طفلة.
يضيف أبو أيمن أن الفتاة كلما عاشت في بيئة أكثر تفهما و أكثر انفتاح من الأبوين تجاه الأبناء كانت العلاقة أسهل و كانت الفتاة قادرة على أن تتخطى هذه المرحلة بسلام و تحظى بأبسط حقوقها.
مرحلة البلوغ
أم رأفت و هي أم لثلاث بنات و ولد و تعمل كمدرسة ترى أن تنشئة الفتاة تنشئة متزنة محافظة على تعاليم دينها يسهل الكثير على الأمهات و ترى أيضاً أن مرحلة البلوغ هي الأهم بالنسبة للفتاة ، و يجب على الأم توعية ابنتها بمعنى البلوغ و التغيرات الهرمونية التي تحدث لها و كيف تتعامل مع هذه التغيرات الجسمانية و علاقة هذه التغيرات بتفكيرها.
تضيف أم رأفت :” ضروري الأمهات يعلمين بناتهن الالتزام بالصلاة في وقتها و متى تصوم و متى تفطر و متى تقضي و موعد ارتداء الحجاب و ستر العورة و أن جسدها لا يراه أحد غيرها و طريقة الجلوس الصحيحة و ان كل ما ستتعلمه في هذه المرحلة ستعلمه لأولادها عندما يكبرون و طبعا لازم تتعلم هذه الأشياء تدريجيا قبل البلوغ و وقت البلوغ وبعد البلوغ “.
إن كبر ابنك خاويه
ترى أم رأفت أن المراهقة تبدأ بالبلوغ و التغيرات الفسيولوجية و تنتهي باكتمال كل هذه التغيرات و اكتمال العقل و الوعي ، و أن هذه التغيرات لدى الفتاة قد تتسبب بدخول الفتاة في حالة اكتئاب و اضطرابات نفسية و تنصح الأهل بضرورة استيعاب بناتهم قائلة :” دور الأهل استيعابهم وعلى قول المثل إن كبر ابنك خاويه يعني مرحلة الأوامر انتهت و ستبدأ مرحلة الصداقة بين الأم و بنتها أو الأب و ابنه”
تتابع:” ألغيت مرحلة الأوامر (المفروض ،لازم و… الخ ) و بدأت مرحلة (ما رأيك ، اقترح عليك كذا وذا ، حبيت كذا نعمل كذا…. الخ)”.
و في ختام حديثها لمنصة : “نسوان فويس” ترى أم رأفت أن معظم الأمهات اللاتي لم يستوعبن بناتهن وأولادهن في مرحلة المراهقة هن أكثر عرضة لتمرد أولادهن عليهن بحسب قولها.
أمهات صارمات
أم ريان متحدثة عن أيام مراهقتها تقول إنها لم تكن تعرف ماذا تعني كلمة (مراهقة) و كل ما تعرفه هو أن الأطفال بعدما يكبرون قليلاً خاصة بعد عمر العاشرة فإن أي تصرف يبدر منهم يوصف صاحبه بأنه (غاوي) أي لا يعي كيف يتصرف.
بالنسبة لها كأم تتذكر أم ريان أطرف موقف لمراهقتها و هي في الثالثة أو الرابعة عشرة من عمرها عندما كانت تحب ابن جيرانهم و لكنه لم يكن يبادلها نفس المشاعر و ذات يوم قررت أن تذهب لجوار بيتهم و تكتب اسمه بقلم السبورة و تكتب أول حرف من اسمه و اسمها و تغادر، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل كما تقول فقد تزوجت شخص آخر و هي الآن كلما تذكرت هذه الأيام تضحك و تستغرب كيف أنها تصرفت بهذه الطريقة التي تصفها بالبلهاء.
تقول أم ريان إن والدتها كانت أكثر حدة في التعامل من والدها فلو أخطأت هي أو إحدى أخواتها كان العقاب شديد و حرمان من أشياء يحببنها ، لكن هذا كما تقول لم يؤثر كثيراً فبعد أن كبرت و أصبحت أم عرفت أن ذلك كان في صالحها.
ريما اسم مستعار لفتاة في الخامسة عشرة من عمرها تشكو من تشدد والدتها و كيف أنها تمنعها من أشياء كثيرة بدون سبب ، تقول إن والدتها أجبرتها ارتداء البرقع و الخمار و تمنعها من أن تلبس معطفاً ملوناً و ممنوع أن يكون لون الحذاء أبيض بحجة أنه ملفت و هذا عيب بنظر والدتها.
و عن رغبتها في اللعب مع الأطفال دائما ما تسمع كلمة أمها المعتادة :” ما عاد انت جاهلة قدش مرة”.
تتمنى ريما أن تفهمها والدتها و أن تسمح لها بفعل بعض الأشياء التي ليست حرام كما تقول مقارنة بصديقاتها و بنات عمها اللاتي يعاملهن والدهن و والدتهن كأصدقاء بعكس والدتها .
أم ميس جامعية تقول إن ابنتها ماتزال طفلة لكنها لن تجعلها تعيش المراهقة دون أن تكون صديقتها المقربة ، و ستحاول جاهدة أن تحتويها و تكون لها الأم و الصديقة و كل شيء ممكن أن تبحث عنه في الحياة.
و تؤكد أن الأمهات اللواتي يتعاملن بقسوة مع بناتهن يجعلن منهن عرضة للخروج خارج البيت و التعرف على صديقات و ربما شباب يقوموا بدور الأم ، لكن بطريقة عكسية ما قد يتسبب في كارثة للفتاة و الأسرة ككل.
غياب التوعية
الباحثة الاجتماعية حنان علي الرداعي و المهتمة بشؤون المرأة ترى أن سن المراهقة لدى الفتاة تكمن خطورته في عدم إلمامها فيما يحدث لها من متغيرات نفسية و جسدية بسبب اضطرابات الهرمونات التي تبدأ بالتكوين داخل جسدها في ظل غياب التوعية النفسية و الصحية من قبل الأسرة ، خاصة من قبل الأم التي تغيب عنها أساليب التوعية و الإفصاح لابنتها عن تلك المرحلة المهمة التي ستمر بها.
و عن أبرز المشاكل التي قد تمر بها الفتاة في سن المراهقة تقول الرداعي :” أهم المشاكل التي قد تمر بها الفتاة هي حالة الاضطراب النفسي و التشتت العقلي و القلق و التوتر بسبب ذلك التغير الذي يحدث في جسدها في غياب التوعية اللازمة لها من قبل الأم مما قد يجعل الفتاة عرضة للبحث عبر التواصل الاجتماعي مما يجعلها تسبح في متاهات و اضطرابات بينها و بين جسدها مما يعرضها للكثير من الأخطاء التي قد تقع فيها”.
احتواء
أما عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على سلوك الفتاة المراهقة تقول الرداعي :”غياب الرقابة المقننة و التوعية الدائمة للفتاة يجعلها عرضة لصديقات السوء و الدخول في علاقات مسيئة للفتاة عبر وسائل التواصل المختلفة و قد يعرضها للابتزاز النفسي و المادي و الجسدي و الذي قد يجعلها تدخل في مشاكل أخرى ، مثل حرمانها من التعليم ، تعلم السرقة ، سوء السمعة ، فقدان العذرية ، الهروب من منزل الأسرة أو في أشدها تعرضها للقتل ، و كل ذلك يعود لعدم وجود رقابة و توعية ، و عدم قدرة الأهل لتصحيح مسار الفتاة في أبسط خطأ قد تقوم به الفتاة و ذلك بسبب عدم إلمام الأهل بالطرق و الأساليب الصحيحة لاحتواء ابنتهم”.
عبء كبير
فيما إذا كان الأهل و المجتمع يحملون الفتاة فوق طاقتها تقول حنان الرداعي : ” للأسف الشديد في ظل الوضع الراهن تغيرت الكثير من مفاهيم الأسرة و انحصرت اهتماماتها في كيف توفر لقمة العيش لأبنائها ، و طبعا لا نستطيع أن نعمم ذلك على جميع الأسر فهناك جزء إيجابي لازال يؤمن بالفتاة بقوة و يحاول تسخير كل الإمكانيات النفسية و التعليمية و الإنسانية لصنع فتاة ذات شخصية واعية متعلمة صانعة قرار داخل أسرتها و مجتمعها ، فتاة قادرة على تحمل مسؤولياتها”.
كما ترى الرداعي أن هناك قسم من الأسر التي يضعف اهتمامها بأبنائها نتيجة لقلة الوعي :” القسم الثاني من الأسر هو للأسف الأكثر في ظل هذه الظروف هي الأسرة الأقل وعيا و التي تقل اهتماماتها علميا و نفسيا و مجتمعيا بأبنائها وبالفتاة خاصة التي قد تصل لعمر معين تتحمل فيه مسئوليات أكبر من عمرها و من وعيها الذي قد ينحصر بفكرة الزواج أو الهروب في عالم القات و التدخين و وسائل التواصل الاجتماعي و الذي بدورة قد يكون السبب الرئيسي لانحرافها و انجرارها إلى عالم أسوء”.
رسائل
في ختام حديثها لمنصة نسوان فويس ترسل حنان الرداعي رسائل للأسرة للمجتمع وايضا للقتاة فلنستمع لتك الرسائل في هذا المقطع الصوتي