مروى العريقي – نسوان فويس
احتفت الكاتبة الصحفية نبيلة سعيد بطباعة كتابها “نساء فوق الرماد” والذي يحوي دارسة بحثية عن نساء يمنيات ذوات تجارب ناجحة وتوصيف خاص بالوضع العام في اليمن خلال الفترة من ٢٠١٤ـ ٢٠٢٢
وخلصت الدراسة بعدد من التوصيات أبرزها أن يكون هناك دعم مستمر لتوظيف قدرات النساء في المجالات المختلفة وتأهيل الكفاية المادية كأولوية وتشجيع فرص الاستثمار للأفكار التي تقف خلفها نساء في بيئة صحية آمنة..
كما ذكرت توصيات الدراسة أهمية توفير تدريب مستمر خاص بالنساء في المجالات العملية المختلفة وتقليل مساحة الفاقد البشري عبر اهتمام عالي بإنهاء الصراع وبيئة عدم الاستقرار واعطاء فرصة مساوية لبقية النساء في العالم بأن تعيش المرأة اليمنية حياتها بإنتاجية كما هي تمثلها بشكلها الطبيعي مذ عرفت اليمن النساء..
الدراسة التي بدأت بقراءة سرديات النساء المتوغلات في المحاولة المستمية للبقاء صامدات أمام ظروف الحرب والحصار وغياب الخدمات وتعرقل الكثير من المحاولات للاستقرار حاولت أن تلقى الضوء على تأثير النزاع والحرب وبيئة عدم الاستقرار على المرأة اليمنية باعتبارها الأكثر تضرراً من بين فئات المجتمع اليمني فهي تدفع كلفة باهضة إما بفقدان العائل أو أحد أفراد العائلة أو من خلال تحولها إلى مهمة المعيل لأسرة ممتدة سواءً بالريف أو المدينة..
وتشير التحديات التي رافقت المرأة منذ 2014م وانطلاق الحرب في 2015م وحتى كتابة الدراسة في 2022م أن ملفات كثيرة ماتزال المرأة اليمنية تحاول تجاوزها، بدأ ذلك واضحاً من خلال بحث استقصائي واستقراء بسردية وصفية للملفات التي تمثل تحديات زادت الحرب من تفاقهما أمام الإنسان اليمني فضلاً عن المرأة اليمنية، وبهذا انقسمت الألية التي ادرجت فيها المعلومات إلى قراءة وصفية ، ثم القيام باستقراء عبر توزيع اسئلة مفتوحة لعدد مفتوح من النساء لمعرفة الأراء ثم تحديد عينة عمدية من 70 شخصية نسائية لها دور بارز في البيئة التي تتواجد فيها داخل أو خارج اليمن بغرض استعراض تجارب لشخصيات نسائية ناجحة وعالية في التكيف وبناء المشاريع وريادة الأعمال والمساهمة المجتمعية..
وقد سعت الدراسة أن تسهم بشكل علمي ومنهجي في عرض نماذج نسائية تمكنت من تجاوز الحرب وأثارها المعنوية والمادية إذ تفترض الدراسة أن المرأة شريك ناجح في تحقيق الإنجازات ومواجهة الصعاب وتقديم رسالة هادفة في المجتمع..
وتناولت الدراسة عدداً من الملفات ذات العلاقة والتي تعكس التحديات الواقعية التي واجهت المرأة في اليمن منها الملف الاقتصادي الذي يُعد على رأس تلك التحديات حيث واجهت النساء في ظل الحرب والتدهور الاقتصادي الفقر واللجوء والمرض وفي اسوء الحالات الموت ،حالياً يبلغ عدد النساء المعيلات ما نسبته 11.4% وفي فترة الحرب أيضاً كانت الشركات المملوكة للنساء أكثر تضرراً من تلك المملوكة للرجال وقد قادت الحرب النساء للبدء بـ مشروعات جديدة وغالباً ما تكون أعمالاً من المنزل ،فيما استلمت العديد من النساء الشركات الخاصة بالذكور بعض تعرضهم للتغيب أو القتل..
وفي الملف الاجتماعي عرضت الدراسة تقريراً أن نحو 63% من النساء تعرضن للعنف المباشر حيث ظهرت حالات العنف المنزلي والزواج القسري والايذاء النفسي والجسدي كما افادت عدد من التقارير استندت إليها الدارسة أن أعلى خطر للعنف القائم على النساء كان بين عامي 2016-2019 كان العنف العائلي والذي يرتكبه أفراد الأسرة والذي كان النزاع والحرب سبباً رئيساً فيه ، وفيما يتعلق بالنازحين أفاد صندوق الأمم المتحدة بأن اغلب النازحين هم من فئة النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10-49 ويعد التحدي في الملف الاجتماعي باعتباره الأعمق تأثيراً كون إثاره ممتدة وطويلة المدى ولربما يشكل تحدي كبير أمام النسيج الاجتماعي..
وعرضت الدراسة التحدي النفسي والصحي والذي أثر بشكل كبير على التحصُل والوصول للرعاية الصحية في بيئة مليئة بالحرب والحصار وأدى التضرر المباشر للبنية التحتية للخدمات الصحية، وتعثر الخدمة الطبية وهجرة الكوادر الطبية المؤهلة أو فقدها في العديد من العمليات الإسعافية لفاقد موازي بين النساء وتشير الإحصاءات أن التحدي الصحي والنفسي يحصد ارواح 60% من النساء والأطفال في اليمن حيث تعاني حالياً 520 ألف امرأة من مشاكل صحية وتعيش مليون وسبعمائة فرصاً محدودة جداً في الحصول على الخدمات الصحية الإنجابية كما تواجه 71% من النساء من اوضاع صحية معقدة..
في التحدي التعليمي الثقافي عرضت الدراسة لتعطل التعليم بصورة مباشرة وفقدان الكثير من النساء والفتيات الحق في التعليم والتحول لسوق العمل أو للبقاء خلف سور العملية التعليمية كون الاوضاع الاقتصادية لا تسمح بمعيل الأسرة بفتح التعليم للجميع فتكون المرأة هي التي تدفع الكلفة برغم حب النساء في اليمن للتعليم وعللت الدراسة من خلال أراء المبحوثات أن انقطاع رواتب المدرسين وتعطل العديد من المدارس وبيئات التعليم ونزوح المعلمين كان أحد اسباب الترهل الكبير في استمرار العملية العلمية والتعليمية..
ويفسر كل ما سبق من تحديات الملف الحقوقي والانساني الذي تحدث عن الاوضاع التي واجهت البيئة اليمنية كديمغرافية وجغرافية مشيراً بتقرير عن الدراسة أن عدد النساء اللاتي قتلن خلال هذه الفترة بلغ 962 امرأة كان العدد الأكبر منهن في مدينة تعز المحاصرة، كما سجلت منظمة سام أكثر من 40 ألف حالة انتهاك حتى نهاية 2020
ختمت الدراسة باستطلاع اراء المبحوثات حول مقومات المرأة في التغلب على الحرب كان من أبرزها قوة شخصيتها ومستوى تعليمها ولم يختلف هذا بين المرأة الحضرية أو الريفية فقد تحولت بيئة الحرب والصراع والنزوح لبيئة عمل حقيقي..