امل وحيش – نسوان فويس
تنمر بطعم النجاح
حنان سعيد مؤسسة مشروع بنات صنعاء للكروشيه ، و هو متجر الكتروني متخصص في كل ماله علاقة بفن الكروشيه من هدايا و ملابس و ديكورات و دمى وغيرها.
تتحدث حنان لمنصة “نسوان فويس” عن مشروعها كيف بدأته برفقة أختها و كيف أن تنمر إحدى قريباتها قادهما للبدء بصناعة مشروع خاص بفن الكروشيه الذي وصفته بأنه الفن الذي يصنع عالم من الجمال فقط بإبرة و خيط .
عن التنمر الذي واجهته هي و أختها كونهن يعملن في مجال الحياكة من البيت و هي مهنة حرة تدر على من تعمل بها دخل جيد إلا أنها لا تروق للبعض و يعتبرها مهنة غير صالحة و ليست بالمستوى المطلوب خاصة لخريجة جامعة كما هو حال أخت حنان ، و بحنان الابنة الصغرى التي لم تكمل تعليمها الجامعي لكنها طورت نفسها ذاتياً من خلال العديد من الدورات و الورش التي دعمتها في النهوض بمشروعها و التي تعتبر نفسها من أسرة تقليدية لا تعترف بالوظائف أو الأعمال للمرأة سوى حصرها في مهنة التدريس ، لكن حنان تمردت على المألوف الذي اعتادت عليه عائلتها و محيطها فكسرت حاجز الأعمال الأخرى و من البيت صنعت لها مشروعاً من رحم التنمر : ” جاءت فكرة فتح المتجر من إحدى القريبات ، كنت أنا و خواتي هوايتنا الحياكة ، كانت الهواية المفضلة لنا ، و في أحد الأيام ، قالت لي قريبتي ” يا حنان من انجليزي لعمل ليف ! ” كان هدف الجملة هذه التقليل من شأن الكروشيه لأنه في ذاك الوقت ما كان معروف الكروشيه في المجتمع المحيط أو في صنعاء ككل على حد علمي ، كان معروف عن الكروشيه فقط إنه صناعة ليف للاستحمام ، من هنا انتبهنا إن الكثير ما يعرف عن الكروشيه ما يعرف عن هذا العالم الجميل جداً ، مع احترامي الشديد لكل امرأة انتجت و حاكت ليفه لأنه عملها مش سهل “.
هذا الموقف الذي يعد تنمر و تقليل من شأن هذه المهنة الجميلة قررت حنان و أختها أن تصنعا لنفسيهما مشروعاً خاص بالحياكة ” فن الكروشيه ” لتعريف الناس بأهمية هذا الفن و كم هو متعب العمل فيه لأجل أن يصل للناس بأفضل صورة.
بدأت حنان و أختها مشروعهما في العام 2014 حيث قامتا بإنشاء حساب على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وانستجرام لنشر أعمالهن التي كن يقمن بها من البيت من قبل ، لكن هذا العام هو الفارق بالنسبة لإنشاء مشروع “بنات صنعاء للكروشيه“.
” قررنا نعمل صفحة نعرض أعمالنا و نوعي الناس بجمال هذا الفن ، كيف أنه عالم كبير جدا و بدأنا نعرض أعمالنا و كانت تجي لنا طلبات و كنا مستغربين إن فيه اهتمام و طلبات انه نعمل لهم هذه الأشياء ديكورات مفارش و أشياء أخرى ، من هنا قررنا نحول الهواية إلى مشروع و كانت البداية لمشروع بنات صنعاء للكروشيه “.
توزيع مهام وحجوزات
تخصصت الأخت الكبرى لحنان في صناعة ملابس الأطفال و ديكور جلسات التصوير للأطفال ، و أصبح هناك زبائن لهذا النوع من المقتنيات المحاكة بدقة و إتقان من قبل العديد ممن يعملن في مجال التصوير الفوتوغرافي اللاتي يتعاملن مع حنان و أختها لتوفير ملابس خاصة لجلسات التصوير.
بينما في الأربع السنوات الأخيرة اتجهت حنان لصناعة الدمى بأشكالها المختلفة و بأسلوب فني متقن نظراً للإقبال عليها من الداخل و الخارج.
و لأن حنان تستقبل العديد من الطلبات فهي تتقاسم العمل بينها و بين أختها من صناعة الملابس و الديكورات و الحقائب .
عن رواج منتجات مشروع “بنات صنعاء للكروشيه” تقول حنان :” بالنسبة لمنتجاتنا و رواجها الحمد لله من 2014 للآن و الطلبات بالنسبة لنا مستمرة ما توقفت لأنها أساساً منتجات يدوية و محاكة و أساساً ما نقدر نستقبل طلبات كثيرة لأنه كل طلب لازم يأخذ حقه من الوقت لذلك أي طلب لازم يكون فيه موعد مسبق و نحدد لكل طلب تاريخ معين لتسليم المنتج و كله بالحجوزات”.
مساندة و دعم
في كل عمل نقوم به و إن كان بسيطاً لابد له من مشجع و محفز فالتحفيز يساعد الإنسان على النهوض و عدم الانكسار
و في حالة حنان و أختها فقد بدأتا مشروعهما بجد بعد جملة قيلت كان من الممكن أن تحطم آمالهما إلا أنهما أخذتاها من زاوية إيجابية و حولتا التنمر إلى إنجاز و إبداع و استطاعتا أن تنتزعا اعتراف الجميع بأهمية و جمال ما تقومان به و الأهم من ذلك حازتا على دعم الأسرة و المحيطين بعد أن آمنوا بأن الحياكة فن و فن مربح أيضاً.
“بالنسبة للأشخاص اللي ساعدوني و وقفوا معانا أكيد الأهل و المحيطين آمنوا فينا و آمنوا بأعمالنا و شافوا جمال الأشياء اللي نصنعها و كانوا داعمين لنا ، كانوا كلما نتردد يدعمونا إن احنا لازم نوصل رسالتنا للكل فهذا فن عظيم مش معترف فيه لكنه زيه زي النحت زي الرسم و له صعوبات و عراقيل ، لازم نحمل هذه الرسالة و ننشر هذا الفن”.
كذلك من الداعمين الذين توجه لهم حنان الشكر الجزيل هم أصحاب المحلات الذين كانوا يقبلوا بأن تضع حنان بضاعتها لديهم كي يبيعوها بدون أن يأخذوا مقابل و ماتزال لليوم تتعامل معهم.
تأثير الحرب
بسبب الحرب و ما خلفته مثلها مثل معظم أفراد المجتمع واجهت حنان صعوبات و عراقيل كادت أن توقف مشروعها لكنها تجاوزتها بذكاء و لم تستسلم أو تتوقف: ” بعد الحرب واجهتنا صعوبات مثلنا مثل غيرنا ، صعوبات اختفاء الخيوط بشكل كامل من السوق ، و بعد فترة توفرت الخيوط لكن جودتها كانت رديئة جداً و هذه الجودة الرديئة خلت الطلب يقل بشكل كبير من قبل الزبونات ” لكن حنان لم تيأس أو تستمر في إنتاج موادها من خيوط رديئة فقد اعتاد زبائنها على جودة إتقانها في العمل
حظيت حنان بفرصة توفير الخيوط المطلوبة لعملهن من خارج اليمن :”جاءت لنا فرصة إننا نوفر خيوط من دول خارج اليمن ، و بدأنا نوفر لنا خيوط خاصة بنا لأعمالنا و تُميزنا فانتعش شغلنا بعدين تدريجياً كان فيه بنات زميلات مهنة كانوا يطلبوا مننا نوفر لهم خيوط و فعلاً بدأت أوفر لي و لزميلات المهنة خيوط الحياكة “.
رب ضارة نافعة فاختفاء الخيوط من السوق في فترة معينة فتح لحنان أبواب مشروع آخر و هو إنشاء متجر آخر خاص بتوريد خيوط الحياكة و بيعها : ” بعد مرور الوقت قررت اني افتح مشروع يدعم مشروعنا ، و هو متجر “عالم الخيوط” فأصبح مشروعين منتجات الكروشيه ومشروع يوفر أدوات الكروشيه لي ولزميلاتي”.
تماسك مجتمع الكروشيه
لم تكتفي حنان بإنجاز طلبات الزبائن للملابس و الديكورات و الدمى المحاكة حياكة فنية فحسب ، بل عملت على عقد دورات تدريبية مجانية في ٢٠١٦باسم مشروعها ” بنات صنعاء للكروشيه” و دربت العديد من الفتيات الشغوفات الراغبات في تعلم حرفة تساعدهن في مواجهة متطلبات الحياة “.
و عن العلاقة بين الزميلات في مجال صناعة الكروشيه تقول حنان :” مجتمع الكروشيه أنا اعتبره مجتمع متماسك ، ما أشوف إن البنات زميلاتي منافسات لا أنا أشوف إنهن شريكات و معنا مجموعة على الواتساب لمالكات المشاريع المحترفات في مجال الكروشيه و أي واحدة تعاني من مشكلة أو عراقيل تسأل و تستفسر و كلنا متواجدات معها”.
و في حال كان هناك طلبات أكثر من المطلوب على منتجات بنات صنعاء للكروشيه فإن حنان غالباً لا ترد الطلب و إنما تترك فرصة لأي زميلة متفرغة لإنجازه فيعم الخير على الجميع و تكتمل لوحة تماسك جميع العاملات في صناعة الكروشيه.
تهدف حنان من مشروعها إلى نشر فن صناعة الكروشيه الذي يعتبر شبه غائب في مجتمعنا و إن وجد نادراً ما يكون فيه لمسات إبداعية تحيكها أنامل تتأمل الجمال في كل تفصيل من تفاصيل العمل مهما كان حجمه.
فبعد أن كان محيط عملها هي و أختها محلي في صنعاء و مختلف المحافظات أصبح في الثلاث السنوات الأخيرة عابر للحدود “محيط عملنا في البداية كان في صنعاء و المحافظات عملنا لمختلف المحافظات و في آخر ثلاث سنين بدأت الطلبات تجي من دول مجاورة “.
طموح
البدايات لا تنتهي بل أن كل نهاية تعني بداية جديدة ، و كلما شعر الإنسان بأنه يتقدم خطوة سعى أكثر كي يتقدم خطوات و أميال حتى يصل لما يصبوا إليه و إن كانت هذه الخطوات بطيئة لكنها تصل : ” بالنسبة لطموحنا مثلي مثل أي مالكة مشروع أن يتوسع أكثر ينشهر أكثر ينعرف أكثر، طموحي إني أوفر أشياء لي و لزميلات المهنة مواد خاصة بعملنا”.
و بعد الخطوة تأتي الأميال في الطموحات و المسافات طويلة إلا أن من يسعى يصل و لو متأخراً : “طموحي الأكبر اني افتح معرض خاص بمالكات مشاريع الكروشيه و أدوات الكروشيه لعرض أعمالنا و يكون معرض فني بامتياز يحتوي هذا الفن بإذن الله يوما ما اقدر أحقق هذا الحلم لي و لغيري”.
رسالة حب
في ختام حديثها لمنصة “نسوان فويس” ترسل حنان سعيد رسالة للنساء مالكات المشاريع الصغيرة فلنستمع لها في المقطع الصوتي التالي :