المرض في اليمن يكشف غطاء الستر عن اليمنيات

شارك المقال

مروى العريقي – نسوان فويس

لعل من أشهر الصفات المشتركة بين شريحة واسعة من اليمنيين هو تجاهلهم لإشارات المرض التي تصيب أجسادهم ، فلا يذهبون إلى المستشفيات إلا للضرورة ، ما يكشف عن سوء حالتهم الصحية و تدهورها ، قليلون من يترددون على المستشفيات و يختارون أطباءهم بعناية ، و في الغالب تكون قدرتهم المالية تسمح لهم بالزيارة الدورية للمستشفى ..

لدى المرأة اليمنية طاقة هائلة من الصبر و قدرة عالية على التحّمل خاصة النساء ذوات الدخل المحدود أو المتدني ، فحين بدأت في الإعداد لهذه المادة توجهت لإحدى عيادات النساء و التوليد بالعاصمة صنعاء ، و هناك سألت المتواجدات هل شعرتِ بألم ذات يوم و ذهبتي للمستشفى على الفور ؟ كانت الاجابات لا ، زيارة المستشفى تكون للألم المستمر ..

لو تعلم النساء أن العلاج في مراحله الأولى أخف وطأة من العلاج في مراحله المتأخرة ، لما تأخرن في زيارة المستشفى حين يشعرن بأي ألم ، فمقاومة أي مرض في المراحل الأولى تكون أسهل على المريض من حيث تعاطيه أدويه أخف ، و كذا فترة العلاج تكون أسرع ، كما تخبرنا بذلك الدكتورة رنا وليد اخصائية جراحة عامة عن الحالات التي تستقبلها بين الحين و الأخر ..

الجهل و الفقر

تعود أسباب عدم الكشف الطبي الدوري للنساء إلى الجهل بأهميته أولاً ، و إلى ضعف الحالة المادية لهن ثانياً ، إذ يُشكل المال العقبة الأكبر أمام شريحة محدودي الدخل ما يدفعهم للإعراض عنه ، الأمر الذي يجعل معه العلاج أمراً شاقا أو مستحيلاً و يؤدي إلى الوفاة لا سمح الله ..

بعد صبر استمر لسنوات رضخت كفا محمد -26 عاما- و قررت زيارة الطبيبة ، تحكي لنا قصتها في التسجيل التالي:

تعمل كفا محمد – 26 سنة – بدوام جزئي بأحد المطاعم القريبة من منزلها ، تتقاضى مبلغا زهيداً يساعدها على العيش دون طلب العون من أحد..

التداوي بالأعشاب

كما شكلت أزمة انقطاع رواتب الموظفين عبئاً على الموظفين الذين لم يجدوا فرص عمل بديلة ، فاضطروا إلى التقشف بالعيش بما في ذلك التردد على المستشفيات حين يصابون بالأمراض فاستبدلوا العقاقير الطبية بالأعشاب ..

 تحكي أستاذة مادة الأحياء سعاد عبد الودود -52 عاما-  لنسوان فويس كيف تغلبت على الألم الذي لحق بركبتها : ” كنت لا أستطيع المشي من ألم ركبتي فداويتها بزيت زيتون و صبار و رماد و ملح ، استخدمت هذه المكونات التي أقدر على توفيرها أما زيارة الطبيب و خاصة العظام مكلفة جداً و كذا أدوية العظام مكلفة للغاية “..

على مدى سنوات الحرب الثمان أنفقت اليمنيات مدخراتهن حتى يبقين على قيد الحياة ، و تقلصت احتياجاتهن وصل بعدد منهن الحال إلى تناول وجبة واحدة باليوم كما توضح ذلك الأستاذة سعاد : نفعني ذهبي في السنوات الماضية لكن خلص و الرواتب مازالت منقطعة ، و المرض كشف حال نسأل الله الستر و العافية ..

لا تفكر سعاد بالعودة للعمل في المدارس الأهلية ، لانعدام تكافئ الفرص فيها إذ يجب عليها العمل بمجهود مضاعف كالخريجات حديثاً تقول لمنصة نسوان فويس :” عمري كله بالتدريس و بمدرسة تقدرني و تقدر خبرتي ، هل المدرسة الخاصة بتقدرني التقدير الذي كنت أجده في مدرستي ؟ أو بتعاملني تعامل المدرسات حديثات التخرج ؟..

الرضا

كفا و سعاد و غيرهن من عشرات و ربما آلاف النساء اليمنيات اللواتي لا يلجأن للتداوي إلا في مراحل العلاج المتأخرة لضيق حالهن المادي ، فيلجأن للصبر برضا تقول كفا لمنصة نسوان فويس:” ما معي غير أني اصبر على الوجع ، لو معي فلوس بقدر اتعالج لكن الحمد لله على كل حال “!!

تأمل كفا أن يقيها العلاج من التدخل الجراحي ، فحالتها المادية لا تسمح لها بإجرائها تقول لنسوان فويس :” بخلاف العملية احتاج رقود في المستشفى لمدة ثلاث أيام و علاجات قد تكلف أكثر من مائة ألف ريال ، ما لا أستطيع دفعة حتى و إن استلفت “..

و بحسب الدكتورة رنا فإن النساء اليمنيات يصلن للمستشفى في مراحل المرض المتوسطة أو المتأخرة ما يصعب من التداوي ،على خلاف الرجال الذين ينأون بأنفسهم و يلجؤون للتداوي مبكراً ، تقول لمنصة نسوان فويس :” تأتي حالات من النساء في وضع صحي مزري للغاية ، و في عدة تخصصات ، قد نتفهم أن الحياء يشكل عائق أمام أمراض معينة كالباسور مثلاً الذي يمكن علاجه و تلافي التدخل الجراحي حين تأتي المريضة في المرحلة الأولى أو الثانية لكن كل حالات النساء تأتي في المرحلة الثالثة و هذه المرحلة تتطلب تدخل جراحي..

مستنكرة تأخر النساء في التداوي حين يتعلق الأمر بأمراض الجهاز التناسلي لديهن تقول : قد تصاب المرأة بتكيس في المبايض و قد تحتاج الى علاج و تنتهي المشكلة لديها لكنها لا تأتي في الوقت المناسب تأتي لدينا حالات لا ينفع معها علاج تكيس في المبيض الايمن والايسر و الرحم و من نوع دهني ، يجب استئصاله فهنا المريضة تتعب فيها و أيضا العملية تكون متعبة لنا كأطباء و تكلفتها تكون مرتفعة بخلاف استئصال كيس واحد من مكان واحد .. يظل التداوي بأرخص الطرق هو السبيل الوحيد أمام اليمنيات اللواتي انقطعت بهن السبل ، فلا عائد مادي يسمح لهن بالتغذية الجيدة لمكافحة الأمراض ، و لا مدخرات تتسع لكافة متطلباتهن و متطلبات أسرهن على مدى سنوات ..   

مقالات اخرى