مروى العريقي- نسوان فويس
يشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى ارتفاع العنف ضد المرأة بنسبة 63% في المئة منذ تصاعد الصراع في اليمن ، فيما تشير منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير” اليمن أحداث عام 2019″ إلى أن النساء في اليمن قبل النزاع واجهن تمييزاً شديداً في القانون و الممارسة ، و أدت تصرفات الأطراف المتحاربة إلى تفاقم التمييز و العنف ضد النساء و الفتيات ، و اتهمت أطراف النزاع النساء بالدعارة و الاختلاط و الفجور باستخدام مصطلحات مهينة كجزء من تهديداتهم العلنية و مضايقاتهم ضد المعارضين.
و يمثل التنمر الالكتروني ضد النساء في اليمن الصفة السيئة الأكثر انتشاراً كونه الأسهل و الآمن على المتنمرين ، و لعل أكثر من تتعرض له هن الصحفيات بحكم نشرهن آرائهن على صفحاتهن الشخصية و قربهن من الجمهور أكثر، نسوان فويس التقت بالصحفية الشابة لمياء الشرعبي و تحدثت عن الاساءة و التجريح الذي طالها : ” تعرضت للتنمر الالكتروني في الفيس بوك كان تنمر لفظي بسبب منشور على فيس بوك استفز الجمهور فيبدأ الرجال بمهاجمتي لا مناقشتي على القضية التي طرحتها ، و تنمرهم كان عبارة عن سيل من الشتائم الجنسية و هناك من نشر صورتي مصحوبة بتعليق مسيء مثلاً “هذه ربحه” !!
لا يستهدف المتنمرون شريحة الصحفيات فحسب ، بل كل امرأة تخالف رأيهم، و المتنمرون ليسوا رجالاً فقط فهناك نساء يتنمرن على نساء أيضاً كما حدث مع أماني المقطري و هي تحمل شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية ، تقول أماني لمنصة نسوان فويس: “تعرضت للتنمر من بنات بسبب صورة لي نشرتها من سابق ، كنا نتناقش حول موضوع ما يخص محافظة صنعاء بأحد المجموعات ، فانتهى النقاش بالهجوم الشخصي علي و دخلوا على صفحتي و بدأوا يتنمروا على صورتي الشخصية ..”
تُعرّف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) التنمر الإلكتروني بأنه تنمر باستخدام التقنيات الرقمية ، و يمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي و منصات المراسلة و منصات الألعاب و الهواتف المحمولة ، و هو سلوك متكرر يهدف إلى إخافة أو استفزاز المستهدفين به أو تشويه سمعتهم.
الأضرار النفسية
و لأن العالم اليوم لم يعد قرية صغيرة ، بفضل التكنولوجيا المتقدمة أصبح العالم شاشة بين يديك ، و بات البعيد قريب فبدأت المجتمعات تتعرف على بعض بشكل أوسع ، و بات التعرف على العادات و التقاليد المختلفة أسهل ، ما أتاح للناس اكتساب ثقافات و أفكار جديدة ، إلا أن هذا القرب يمثل سلاح ذو حدين كما توضح ذلك الأخصائية النفسية ماجدة عبد الجبار : “السوشيال ميديا سلاح ذو حدين بحسب المستخدم ، قد يكون الاستخدام خاطئ ينتج عنه التنمر الذي يكثر تواجده في هذه الوسائل و خاصة على المرأة و هذا التنمر يحدث في البلدان المحافظة و ذات المستوى التعليمي المتدني و المعتقدات الخاطئة ضد المرأة..”
حين تناقش المرأة قضية أو تتحدث في أمر ما ، تجد الهجوم عليها كونها امرأة و يتم التنمر عليها بعكس الرجل ، فالمرأة تجد هجوم على شكلها حتى لو كانت ترتدي الحجاب لأننا مجتمع منغلق و نرى في جراءة الطرح انعدام للتربية و هذا ما لم يقره أي دين ولا شرع ، و قد يصل التنمر للأذى النفسي أو الجسدي ما قد يصيبها اضطراب ما بعد الصدمة ويجعلها تحجم عن التفاعل و النقاش مجدداً ، بحسب عبد الجبار..
الخطر القادم
كشفت دراسة بريطانية حديثة أن التنمر الالكتروني يزيد فرص إصابة الأطفال بأنواع مختلفة من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة PTSD)) سواء أكانوا ضحايا أو جناة.
و التنمر الالكتروني يكون باستخدام التقنيات الرقمية ،عبر وسائل التواصل الاجتماعي و منصات المراسلة و الألعاب و الهواتف المحمولة ؛ بهدف إخافة المستهدفين به أو استفزازهم أو تشويه سمعتهم ، مما قد يصيبهم باضطراب ما بعد الصدمة ، و هذا الاضطراب هو حالة صحية عقلية يستثيرها حدث مخيف ، و قد تتضمن الأعراض استرجاع الأحداث ، و الكوابيس و القلق الشديد ، بالإضافة إلى الأفكار التي لا يمكن السيطرة عليها بخصوص الحدث ، و تجنُّب مواقف و أماكن معينة .
و أوضح الباحثون بقسم الطب النفسي في “إمبريال كولدج لندن” ، في دراسة نشرتها دورية (Archives of Disease in Childhood) التي تصدرها المجلة الطبية البريطانية ، أن السؤال عن التنمر الالكتروني يجب أن يصبح جزءاً روتينيّاً من تقييم الصحة العقلية و النفسية لأي طفل .
و توصلت الدراسة إلى أن التنمر الالكتروني ينتشر بين المراهقين بنسب تتراوح بين 10 و40 ٪ ، و هذا يطرح مخاطر محددة على صعيد الانتشار؛ لأنه يمكن فعله ليل نهار، في سياقات مختلفة ، و بشكل سريع و مجهول الهوية ، بين جمهور واسع من المراهقين.
مواجهة التنمر
المهندس التقني و خبير الاتصالات الرقمية فهمي الباحث : ينصح بالتخفيف أو الحد من نشر أي بيانات شخصية على شبكة الانترنت ، و يقول لمنصة نسوان فويس : إذا كان التنمر يحدث في شبكات التواصل فينبغي الابلاغ بذلك علماً بأن كل شبكات التواصل تواجه التنمر بشكل جدي.
و يمكن عمل الكثير في سبيل مواجهة التنمر كون شبكات التواصل الاجتماعية اعتبرته سلوكاً مخالفاً لمعاييرها ، فاستخدام الأدوات و الوسائل التقنية بهدف الحاق الضرر بالآخرين بشكل متعمد و متكرر يدخل في المحظورات ، و يمكن لأي شخص الابلاغ المباشر عن المتنمرين على موقع فيسبوك من خلال الرابط التالي:
https://m.facebook.com/help/181495968648557
و بحسب الباحث فإن عملية الابلاغ قد تفيد في إيقاف الحساب بشكل نهائي ، وفق ما يراه المراجعين بهذه الشبكات ..
الحلول
قد يبلغ التنمر ذروته و يصل إلى إلحاق الضرر الجسدي بالضحية ، و لذا تقترح الشرعبي بإجراء التوعية للنخب في المجتمع فهم المؤثرين و الساخطين أيضاً ، مشيرة إلى ضرورة وجود قانون يجرم التنمر بكافة أشكاله ، حتى نتمكن من مقاضاة المتنمرين ، بحسب وصفها..
من جهتها ترى المقطري أن للمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعية دور في الحد من هذه الظاهرة ، و هو ما اعتبرته الحل المؤقت إلى حين اصدار قانون يعاقب التنمر تقول لمنصة نسوان فويس : “إذا تم التشهير بالمتنمر من قبل المؤثرين سنستطيع إيقاف أذاهم ، و العقوبات القانونية هي الحل الأمثل ، وجود عصا فوق رأس كل شخص هي الرادع لكل شخص ممكن يعتدي عليك ، طالما أنه لا يمنعهم دين و لا أخلاق للتطاول على الأخرين ..”
و تنصح عبد الجبار الفتيات بمواجهة المتنمرين بالرد المتوازن و الرصين كون الهروب لن يشكل حلاً تقول : “صحيح هناك فتيات يطرحن آراء غير موفقه كونها صادمة للمجتمع ، لكن هذا لا ينعكس على الكل هناك نساء يحملن قضية و لديهن رسالة يهدفن لإيصالها مع ذلك يطالهن التنمر.. “
وتضيف : “لكِ شخصيتكِ ولكِ اسلوبكِ افتخري بهما ، المجتمع يتغير بين فترة و أخرى ، هناك وعي لم يكن موجود من قبل ، إذا لم تجدِ أنتِ الوعي هذا اخلقيه ، لأنه إذا تنمروا اليوم عليكِ غداً لن يتنمروا على ابنتكِ ، و سنصل إلى مرحله الناس تفهم أن التنمر مؤذي ، و أن النقاش ظاهرة طبيعية في المجتمع ، و المرأة لها مكانه مثل الرجل ، وكلٌ يكمل الآخر.. “