غياب التشريع.. الإفلات من العقاب.. الدور السلبي للأسرة عوامل تزيد من العنف الموجه ضد المرأة

شارك المقال

مروى العريقي – نسوان فويس

تفاقمت ظاهرة العنف ضد النساء في اليمن ، جراء تزايد مسؤولياتهن و تطور أدوارهن ، بسبب الحرب التي تعصف بالبلاد على مدى ثمان سنوات ، و في ظل غياب التشريعات المنصفة للمرأة و الإفلات من العقاب ، تطبعت أحداث العنف الأسري ، و بات تداولها في وسائل الإعلام كأخبار موجزة تمر دون الاكتراث لها و لحجم الضرر الواقع على المرأة و أسرتها ، في هذا التقرير نناقش غياب تشريعات تحمي المرأة من العنف الذي تتعرض له..

طالعتنا المواقع الاخبارية في شهر يوليو الماضي بخبر تعرض القاضية نهاد فضل للضرب المبرح في مدينة عدن من قبل زوج ابنتها ، الذي لاذ بالفرار .

و بعد مرور أكثر من شهر على الواقعة لم تتمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليه ، و أوضحت مصادر مقربة من أسرة القاضية في تصريح خاص لمنصة نسوان فويس أن الاعتداء جاء بعد مشادة كلامية بين المجني عليها و الجاني على خلفية خروج أحد ابناءه للعب خارج المنزل ، و رفض زوجته المغادرة معه ، ما دفعه للاعتداء على القاضية و كسر هواتفها و قطع أسلاك هاتف المنزل و الاستيلاء على مبلغ مالي، و مفتاح سيارة زوجته ثم تمكن من الفرار.

رجحت المصادر أن الاعتداء هو بمثابة الشروع في القتل ، مشيرة إلى أن الجاني يعمل بالتداوي بالقرآن ، و لديه بنت و ولدان من ابنة القاضية.

في نوفمبر من العام المنصرم ، توفيت المواطنة قبول سعيد قائد ذياب ، نتيجة تعذيبها على يد زوجها ، عبد العزيز سيف بقرية “الهائجة” عزلة الأسد بمديرية شرعب الرونة ، ماتت قبول و لم يحاسب قاتلها ، إذ لم تتمكن الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض عليه و هو المتورط بجرائم سابقة ، و بحسب إفادة أهالي المنطقة لوسائل إعلام محلية ، فإن عبد العزيز قد أقدم على ضرب والدته ؛ ما تسبب لها بإصابات مختلفة في جسدها ..

و في واقعة صدمت اليمنيين إذ برء القضاء اليمني يونس الأسدي (19عاما) من جريمة القتل العمد التي ارتكبها بحق شقيقته سميحة (38 عاما) في أبريل من العام  2018، داخل قاعة محكمة غرب الأمانة في العاصمة صنعاء أثناء بت دعواها “عضل (امتناع) ولي” التي طلبت فيها نقل ولاية تزويجها إلى القاضي بدلاً من والدها الذي امتنع عن تزويجها ، و كان قد سبق لسميحة الزواج من قبل و هي أم لطفلين ..

غياب قانون يحمي المرأة !

على الرغم من جهود كثيرة سعت إليها منظمات المجتمع المدني و اللجنة الوطنية للمرأة لتجريم العنف ضد المرأة و التركيز خاصة على العنف الأسري ، إلا أن هذا الجهد لم يوفق في الضغط للحصول على قانون يحمي المرأة من العنف ضدها ، كما توضح ذلك الناشطة الحقوقية ، مها عوض رئيس منظمة “وجود للأمن الإنساني “، تقول في حديثها لمنصة نسوان فويس: “بُذلت جهود عديدة و واجهت صعوبات على الرغم من وجود نقاشات كثيفة و تواصل مستمر ، و مع دخول البلد في حال حرب توقفت تلك الجهود دون انتزاع قوانين تحمي المرأة ، و حال تعطل المؤسسة التشريعية لمتابعة هذه الجهود ، دون الوصول لنتائج محققة .

قوانين بديلة

لا يوجد في القانون اليمني نصوص تجرم العنف ضد النساء ، فيتم الاستناد إلى قانون جرائم العقوبات و قانون الإجراءات الجزائية ، الأمر الذي يساهم في تمييع تلك القضايا ، و بحسب عوض فإنه يتم تكيف جرائم العنف ضد النساء وفق القوانين المتاحة ، و هي قوانين لا تقرأ واقع العنف الواقع على النساء في السياق الاجتماعي و الثقافي بالشكل الذي يضمن حمايتها ..

المحامية و الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان سماح سبيع ترى في غياب هذه التشريعات انعكاس لتردي التعليم في البلاد، كما وضحت في تصريحها التالي:

سلبية الأسرة

و عن قضية سميحة الأسدي تقول سبيع : “من قتل سميحة هو القضاء اليمني و معها تقتل كثير من اليمنيات ، بسبب منعها من الزواج إما لأن هذا الشخص غير مناسب في نظر الأسرة ، أو لأنهم يريدون من يدفع أكثر، أو أن البنت أصبحت عاملة و عندها راتب و لهذا لا يريدون تزويجها ، و المادة (18) تقول : “إذا عضل ولي أمر المرأة أمره القاضي بتزويجها فإذا امتنع أمر القاضي من يليه من الأولياء الأقرب فالأقرب بتزويجها فإن فقدوا أو عضلوا زوجها القاضي بمهر المثل أي بنفس زواج قريناتها بذاك الوقت ، و مع الأسف كم يا سميحة في مجتمعنا اليمني تقتل لأنها تريد أن تعيش بالطريقة التي تختارها “

تضيف : “كان من المفروض أن ينظر لسميحة باحترام من قبل أسرتها ، لأنها أخذت حق مشروع ، و لم تذهب في الاتجاه الخاطئ ، فلو كانت وقعت بالغلط لم يكن ليعجبهم ، و حين أقدمت على العمل الصح أيضاً لم يروقهم فقتلوها ، و الإسلام أعطاها حقها لكن القائمين على تفسير نصوص الإسلام سلبوها هذا الحق و العادات و التقاليد جاءت من هؤلاء المفسرين ..

الحلول

مع تزايد حالات العنف ضد النساء توصي عوض بضرورة استمرار عملية مناصرة وجود قانون يحمي المرأة من العنف ، منوهة إلى أهمية وجود جهود مشتركة بين منظمات المجتمع المدني و وسائل الإعلام ، من أجل الضغط لإقرار تشريع يحمي المرأة من كافة أشكال العنف التي تتعرض لها ، كون هناك أنماط و أشكال للعنف ضد المرأة ، لا تلقى الفهم الكافي لتقديرها و وضعها في أولويات الحماية .

عودة الدولة

على عكسها ، لا ترى سبيع قدوم قانون نتيجة أي جهود ، تقول : ” لا يمكن أن نعول على السلطة التشريعية ، لأن من شروط أعضاء مجلس النواب أن يقرأ و يكتب ، فدولة لا تهتم بالتعليم بتاتاً كيف لها أن تسن قوانين منصفة ، كيف لأشخاص ليس لديهم وعي أن يهتموا بقضايا المرأة ؟ مع ذلك الأمل موجود بانتهاء النزاع و تواجد دولة قوية بمختلف تخصصاتها بما فيها السلطة التشريعية كي تسن قوانين تحمي المرأة ، و يصبح هناك وعي مجتمعي بأن المرأة حين تتعرض لظلم تستطيع الذهاب وتقديم الشكوى ، و أن تحظى المرأة اليمنية على غرار أي امرأه في العالم بحقوقها ..

تفعيل القانون

و كمجتمع قبلي يطرأ عليه التسامح المجتمعي ، ما يسهل انعقاد التسويات الودية أو حل المشاكل الأسرية دون اللجوء إلى القضاء ، الأمر الذي يساعد بشكل أو بآخر على ضياع حقوق النساء ، و بهذا الصدد تقول عوض : لا يكفي وجود القانون نريد تطبيق لهذا القانون حتى لا يتم التهاون مع ما تتعرض لها النساء من أشكال العنف كافة خاصة مع الفراغ المؤسسي الذي تشهده البلاد بسبب الحرب التي أدت الى إضعاف الخدمة و تعطل القوانين ، الأمر الذي يتطلب التعامل معه بشكل متفاعل و ضروري لحماية النساء من العنف..

وعي المرأة بحقها

فيما ترى سبيع أن الحلول تكمن لدى المرأة ذاتها ، بأن تناضل و تكافح من أجل الحصول على حقوقها و ألا تسكت على حقها ، بما فيها أن تعرف أنها يجب أن تعيش بكرامة دون إذلال ، و أنه ليس من حق أحد الاعتداء عليها ، فالمرأة تشكل جزء من هذه الحماية ، هناك نساء نجدهن في البوادي قويات البعض منهن صعب أن يُعتدي عليهن لأنهن من يرفضن هذا ..


و يمكن للنزاع أن يجهد العلاقات الشخصية ، و لأن الإبلاغ عن العنف القائم على النوع الاجتماعي غير مقبول اجتماعياً ، إلا أنه زاد من جديد طبقًا لمسح أجرته منظمة الأمم المتحدة على النساء في محافظات يمنية ، فإن أفراد الأسرة – و خاصة الأزواج – هم الجناة المحتملون.

النزاع و عدم المساواة بين الجنسين و تواجه البلدان العربية تحديات كبيرة في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين و تمكين النساء و الفتيات ، و قد حُدِّد التصدي للعنف ضد النساء و الفتيات أولويةً قصوى في السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء المنطقة..

مقالات اخرى