التعليم في اليمن..رسوم مضاعفة في ظل أوضاع متردية

شارك المقال

امل وحيش – نسوان فويس

لا يعتبر التعليم امتيازاً ، بل هو حق من حقوق الإنسان الذي تكفله الدولة و بموجب القانون العام للتربية و التعليم رقم 45 لسنة 1992 فإن التعليم يعتبر مجاني في كل مراحله تكفله الدولة و تراعي الظروف الاقتصادية و الاجتماعية لبعض الأسر الفقيرة للاستفادة من حق أبنائهم في التعليم كما أكدت المادة   ٨ و ٩  من قانون التربية و التعليم .

مادة رقم (8) : ” التعليم مجاني في كل مراحله تكفله الدولة و تحقق الدولة هذا المبدأ تدريجياً وفق خطة يقرها مجلس الوزراء “.

مادة (9) تعمل الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية تكافؤ الفرص في التعليم و مراعاة الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي تقف عائقاً أمام بعض الأسر للاستفادة من حق أبنائهم في التعليم .

الواقع منذ بداية الحرب و الصراع في اليمن أن هذا التعليم لم يعد مجاني بل و في أسوأ الظروف التي يعيشها المواطنون أصبح التعليم استثماري بحت الأمر الذي جعل من التعليم كمن استطاع إليه سبيلا بحسب متابعون لهذه الارتفاعات الجنونية في الرسوم الدراسية سواء الأهلية أو الحكومية التي كانت مجانية و اليوم أصبحت تطالب أولياء الأمور بدفع مبالغ معظمهم لا يستطيعون تدبيرها في ظل الأوضاع السيئة التي تمر بها البلد و في ظل انقطاع الرواتب منذ سنوات .

في هذا العام فوجئ أولياء الأمور بقرار من وزارة التربية و التعليم برفع رسوم المدارس الحكومية بداعي المساهمة المجتمعية وحدت الرسوم بمبلغ قدره 8 ألف ريال تُدفع على قسطين نصفها عند التسجيل و النصف الآخر في الفصل الدراسي الثاني. 

الأمر الذي لاقى احتجاجاً من أولياء الأمور و الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي الذين يرون أن فرض مثل هذه الرسوم يعد غير قانوني و أنه يزيد من المعاناة التي يعيشها المواطن اليمني منذ بدء الحرب مطلع العام  2015.

استياء مجتمعي

أولياء أمور و ناشطون و إعلاميون كثر كتبوا حول هذا الموضوع معبرين عن استيائهم من رفع رسوم المدارس و خاصة الحكومية التي يجب أن تكون مجانية و يعتبرون فرض مثل هذه الرسوم عبئاً إضافياً على أولياء الأمور الذين يعيشون أوضاع اقتصادية متردية أنتجتها الحرب و الصراع بين الأطراف اليمنية .

أما الأمهات كان لهن النصيب الأكبر من الهم فهذه أم أمير لديها أربعة أولاد يدرسون في مدارس حكومية بمنطقة سعوان ولدين وبنتين تقول مهمومة : ” من أين ندي لهم ستة عشر ألف حق الأربعة و بنص السنة ستة عشر ألف ثانية حرام عليهم و احنا بهذه الحالة “.

أم أمير تؤكد أنها لن تخرجهم من المدرسة خاصة البنات و أنها ستبذل جهدها هي و زوجها الذي يعمل عسكري و لكن راتبه لا يكفي متطلبات البيت لأسرة مكونة من 10 أفراد و لكنها تثق في ختام شكواها أن الله لن يغفل عمن يظلم.

 أما أم رنا فكلما فكرت بأنها قد تخرج بناتها من المدرسة تشعر بالانهيار حد قولها : ” بعض الأوقات أفكر أخرج البنات و أخلي العيال و ارجع أقول حرام أيش ذنبهن ، و بنفس الوقت أيش ذنبنا إحنا كل شوية طلعوا لنا بسعر “.

أم رنا لديها ثلاث بنات و ولدين و جميعهم في المدرسة ثلاثة منهم في مدارس أهلية و اثنتان في مدرسة حكومية بمنطقة مذبح تقول أنه طلب منها في المدرسة الأهلية رسوم 122 ألف لابنها الذي في الصف الثالث الابتدائي و 110 ألف للابنة الصغيرة  للصف الأول الابتدائي ، و 150 ألف لابنها الآخر في الصف الثامن على أن تكون الدفعة الأولى من  القسط 75 ألف ريال للثلاثة بعكس السنوات السابقة التي كانت تقصدها كلما توفر مبلغ و لكن هذا العام تقول أن المدير رفض أن يستلم القسط إلا كاملاً الأمر الذي جعلها تعود للبيت و تستلف باقي المبلغ لتدفع أقساط الرسوم الأهلية . و بالنسبة للمدرسة الحكومية فقد اضطرت أيضاً أن تدفع لابنتيها طالبتين في مدرسة حكومية قسط الفصل الدراسي الأول  7 ألف ريال للفصل الأول دون الزي و الدفاتر والكتب ، بالإضافة إلى دفع 75 ألف رسوم الأولاد في المدارس الأهلية مع تفكيرها بأن تنقلهم من المدرسة الأهلية إلى الحكومية التي ابتعدت عنها بسبب سوء التعليم و إهمال المدرسين للطلاب خاصة بعد وقف المرتبات بحسب قولها .

أم معاذ لديها ولدين في المدرسة سجلت أحدهم و دفعت له الرسوم بينما الآخر في انتظار توفر المبلغ المطلوب كون الأسرة فقيرة لا تستطيع تدبير المبلغ  المطلوب من المدرسة ، و تقول أنها منذ العام الماضي تدفع هذا المبلغ و لكن بالتقسيط أما هذا العام فالأمر صعب ، عن ما قيل بأن دفع المبلغ تطوعي أكدت أن مدير المدرسة رفض إنقاص المبلغ و أصر أنه قرار وزاري .

فرض هذه الرسوم التي تثقل كاهل المواطن المحاصر من كافة النواحي يسهم في إعاقة حصول الطلبة على التعليم حيث أن بعض الأسر نظراً لسوء الحالة المادية لديهم قررت سحب بناتهم و أبنائهم من المدارس بينما البعض اضطر للاستدانة كي يدفع رسوم التسجيل و الزي المدرسي لبناته و أبنائه.

تصريحات المعنيين

و زارة التربية و التعليم أشارت إلى إن هذه الرسوم ( طوعية ) و ليست إلزامية الأمر الذي نفاه كثير من أولياء الأمور الذين قابلناهم و أكدوا لمنصة “نسوان فويس” بأن إدارات المدارس ترفض تسجيل الطالب إلا بدفع 4 ألف ريال قسط أول من رسوم التسجيل المقررة من التربية ب 8 ألف ريال سنوياً.

مديرة مدرسة شهداء السبعين أمة السلام مفضل في تصريح لها أثناء اجتماع عقد مع وزير التربية و التعليم و بثته القناة التعليمية التابعة لجماعة أنصار الله قالت بأن هذه المبالغ تدفع كمشاركة مجتمعية تهدف لدعم استمرار العملية التعليمية و أن هذه المبالغ تعطى للمدرسين بإشراف لجنة خاصة تابعة للتربية و التعليم .

 العملية التعليمية لا تتوقف عند رسوم تدفع للمدرسة ، بل يتبقى الزي المدرسي و الأهم الكتب المدرسية التي لم تعد الوازرة تطبعها منذ العام 2017 بحسب تصريح لوزير التربية والتعليم  يحيى بدر الدين الحوثي الذي أكد أن الوزارة لا تمتلك موارد و أن وزارة المالية منذ سنوات لم تخصص لها ميزانية ” وزارة التربية و التعليم ما عندها فلوس تدفع للمعلمين و المعلمات و لا حتى للإداريين و الموظفين “. 

و عن المنهج الدراسي أشار الوزير يحيى الحوثي إلى أن الكتاب المدرسي يحتاج إلى 18 مليار ريال و قد عملت الوزارة على السعي لطباعة 50% من المقررات الدراسية ، بينما باقي المبلغ سيتم توفيره كحوافز للمعلمين بحسب قوله .

معظم أولياء الأمور في المدارس الحكومية يشترون الكتب المدرسية بمبالغ طائلة و هذا ما أشار إليه أحد موظفي المؤسسة العامة للكتاب الذي رأي أن المؤسسة قد أوجدت حلول لمثل هذه المشكلة تمثلت الحلول في توفير الكتب المدرسية بشكل قانوني و تباع بسعر التكلفة حسب كلامه أثناء لقاء مع وزير التربية و التعليم و أكد أن مؤسسة الكتاب قامت بإيجاد حلول لتوفير الكتاب و ذلك من خلال فتح نقاط بيع للكتب محددة و هي كما أوضح في باب اليمن و الزبيري و كذلك جوار المؤسسة العامة لمطابع الكتاب خط المطار .

تقارير و أرقام

في تقرير نشرته مجلة الآداب اللبنانية التي تصدر بصيغة موقع إلكتروني منذ نهاية العام 2015 و كان التقرير بعنوان (واقع التعليم العامّ في اليمن) أشارت إلى التأثير السلبي الذي ألحقته الحرب و الصراع المسلح في اليمن منذ العام 2015 على مجال التعليم و قد ذكر التقرير أن الحرب و الصراع المسلح في اليمن قد ساهما في تدمير العملية التعليمية كما أن التعليم في اليمن قد فشل في تحقيق أهداف التعليم للجميع بحلول العام 2015 رغم تلقي اليمن مساعدات بلغت حوالي 800 مليون دولار أمريكيّ.

 أهمّ مؤشّرات التعليم العامّ في اليمن ، بحسب نتائج المسح التربويّ الشامل لوزارة التربية و التعليم لعام :2020

– عدد الطلّاب الملتحقين بالتعليم العامّ قرابة 6 ملايين طالب و طالبة ، منهم 4.940.829 في التعليم الأساسيّ ، و690.326  في التعليم الثانويّ . و يشكّل عددُ طلّاب مناطق الريف في التعليم الأساسيّ أكثر من 3.5 مليون ، بمعدل 67% من إجماليّ عدد طلّاب التعليم الأساسي. و يتوزّعون على حوالي 16.787 مدرسة في عموم الجمهوريّة . و يصل عددُ موظّفي وزارة التربية و التعليم إلى 304.407 ، منهم 280.761 معلّمًا و معلّمة . كما وصل عددُ رياض الأطفال إلى 508 ، منها 366 روضةً أهليّة ، و يبلغ عددُ الأطفال فيها حوالي 29.979. و وصل عددُ مراكز محو الأمّيّة إلى 3591 مركزاً ، فيها 180.540 دارسًا و دارسة .

عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالتعليم العامّ هو قرابة 3 ملايين ، و السبب يعود إلى الأوضاع الاقتصاديّة و الاجتماعيّة في اليمن . 

مقالات اخرى