مروى العريقي – نسوان فويس
بات افتتاح المشاريع الصغيرة و الأصغر هو الملاذ لعدد من فتيات اليمن اللواتي فقدن مصدر دخلهن ، أو فقدت أسرهن عائلها ما اضطرها الأمر إلى تحمل المسؤولية نيابة عنه ، و ذلك جراء الحرب الدائرة منذ ثمان سنوات ، كما أن شحة فرص العمل و سوء الوضع الاقتصادي للبلد كانا السبب وراء تبني النساء مشاريع خاصة بهن ، على الرغم من افتقار البلاد لأدنى مقومات الاستثمار ، و غياب التمكين الاقتصادي لشريحة رواد الأعمال و رائدات الأعمال تحديداً..
ميار علي ، خبيرة تجميل طبيعي ، تقول لنسوان فويس : عملي أفاد المرأة اليمنية بتقديم النصائح لها للاهتمام بجمالها من كافة النواحي و خاصة بالشعر و البشرة لتكون جميلة طوال الوقت بوصفات طبيعية و توفير لها منتجات مضمونة و مجربة ..
توفر ميار منتجات التجميل من خلال خدمة التوصيل إلى المنازل ، إذ تعمل من منزلها و تساعد أسرتها بعملها هذا ، تقول : ربما يكون المال الحل الوحيد للعيش في هذا الوقت ، و أصبح العمل شيء أساسي للمرأة و الرجل حتى نستطيع توفير الحاجيات الأساسية في ظل الارتفاع المتزايد للأسعار التي تتزايد يوماً بعد يوم ..
ميار واحدة من عشرات الفتيات اللواتي خضن تجربة العمل الحُر من المنزل ، فلا يحتاج عملهن سوى التفرغ التام ، و التسويق المباشر له و ميار و أخريات اعتمدن على التسويق الالكتروني للخدمة التي يقدمنها ..
تدرس ميار تخصص العلوم الشرعية ، لكنها وجدت نفسها في مجال التجميل ، فالتحقت للدراسة بمعهد خاص بالتجميل في سوريا وعملت على تأهيل نفسها في المجال الذي احبته ، و اعجبت بطريقة العمل التي تُسهل وصول الطلب للزبائن ، و ترى أنها فرصة عمل عصرية و سهلة..
نزعة ذكورية
يرى الدكتور محمود البكاري ، أستاذ علم الاجتماع ، أن الحاجة المجتمعية لعمل المرأة للمساهمة في إعالة الأسرة هي من دفعتها للابتكار إما بحرفة تجيدها أو بخبرة اكتسبتها ، مع ذلك التمكين الاقتصادي للمرأة في اليمن يواجه عدة عوائق منها السيطرة أو النزعة الذكورية التي تجعل المرأة تابعة للرجل في معيشتها و احتياجاتها ..
و من ناحية التشريعات ، فقد ساوى القانون اليمني بين الرجل و المرأة من حيث الحق في الملكية و مزاولة النشاط الاقتصادي ، و بحسب البكاري فقد اثبتت الكثير من النساء قدرة و مهاره و نجاح في إدارة المشروعات الاقتصادية وسط تشجيع من الرجال الذي وثقوا في قدراتهن على مزاولة النشاط الاقتصادي سواء كوظيفة رسمية أو قطاع خاص أو أعمال خاصة ..
التحديات
و تتحدث فوزية ناشر _ رئيسة مجلس سيدات الأعمال اليمنيات ، و رئيسة لجنة سيدات الأعمال في الاتحاد العام للغرف التجارية و الصناعية اليمنية _ عن المعوقات و التحديات التي تواجه السيدات في اليمن تقول لنسوان فويس : تعاني سيدات الأعمال اليمنيات من الموروث الاجتماعي السلبي الذي يقف ضد المرأة ، إضافة إلى الثغرات القانونية التي تميز بين حقوق المرأة و الرجل اليمني ، بالرغم من بعض الجهود التي تهدف إلى تحسين حقوق المرأة ، و كذا صعوبات في التمويل لتطوير الأعمال ، على سبيل المثال : فوائد القروض في البنوك و صناديق الإقراض كبيرة جداً ، مقارنة بفترة السداد القصيرة.
و عن المشاريع التي تديرها النساء تقول ناشر: لا نستطيع القول إن تكاثر المهن و الحرف التي زادت بشكل ملحوظ في فترة الحرب للنساء ، قد ساهم في إحداث تحسن بالاقتصاد ، خاصة مع هجرة رؤوس الأموال الكبيرة من الرجال و النساء خارج اليمن للبحث عن بيئة آمنة للاستقرار ، بقدر ما ساهم في استمرار الحياة لمئات الأسر التي كان يهددها الجوع و المجاعة ؛ نتيجة لانقطاع الرواتب الحكومية و تلاشي فرص العمل مع القطاع الخاص.
الحلول
و يُعد اهمال تنمية المرأة هو تعطيلُ للمجتمع ككل ، فالمرأة في مجتمعنا يقع على عاتقها تربية الأجيال كما يوضح ذلك خبير الاقتصاد أحمد شماخ ، يقول لنسوان فويس: لابد من إشراك المرأة في عملية التنمية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية ، و لابد من الاهتمام الكافي بالنساء حتى تستطيع تربية الجيل تربية صحيحة تقوم على أسس فهم ما هي حقوق الانسان ، و مختلف الحقوق كالحق في التعليم و الحياة الكريمة و الصحة و الحق في العمل..
و يؤكد شماخ على ضرورة زيادة مشاركة المرأة في مختلف جوانب الحياة و تمكينها في الجوانب الحقوقية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية بدءاً بالتعليم الجيد و توفير الخدمات الصحية ، و هذا لن يكون إلا بتوسيع دائرة النساء المؤهلات بالتدريب في مراكز الأسر المنتجة و مساعدتهن في الحصول على فرص عمل جديدة..
التأهيل
و بحسب شماخ فإن الحلول تتطلب تظافر جهود الدولة باعتماد نسب لا تقل عن 30% من الموازنة العامة للدولة لصالح احتياجات النساء في جميع القطاعات ، و العمل على تأهيل النساء و تدريبهن للعمل في القطاع الخاص ، و لابد من تشجيع النساء في المشاريع الحرفية و الصغيرة و الأصغر و توفير التمويل اللازم لهن.
و ينوه شماخ إلى أن تحسين فرص التحاق الفتيات في التعليم الفني و التعليم التقني و التكنولوجي و الجامعي يشكل العمود الفقري لتمكين المرأة اقتصادياً ، بالإضافة إلى اهتمام الدولة بتمويل خدمات الطوارئ التوليدية للحد من وفيات الأمهات ، و اعتماد درجات وظيفية رسمية للقابلات العاملات في الريف و تطبيق سياسات مجانية لوسائل تنظيم الحمل ، و رصد ممارسات العنف ضد النساء ، و إزالة بعض النصوص التميزية ضد المرأة في التشريعات ، لافتاً إلى أهمية بناء القدرات الإبداعية لدى الفتيات و تنمية الوعي بأهمية العمل الطوعي لخدمة المجتمع ..
و جاء في تقرير للبنك الدولي صدر مطلع العام الجاري 2022 ، أن غياب المساواة في فرص العمل بين المرأة و الرجل و خاصة في البلدان التي تقيدها العادات و التقاليد المجتمعية ، يكلف الاقتصاد العالمي عشرات مليارات الدولارات ..
و يذكر التقرير أن المرأة تكون أكثر انتاجية في مجالات عمل أكثر من الرجل ، نظراً لتمتعها بالصبر أكثر ، إضافة إلى طبيعتها التي تجعلها في تجدد و تطوير مستمر ، و هذا بدوره ينعكس إيجاباً على المؤسسة التي تعمل لديها ، و على المرأة من خلال حصولها على الترقيات و الحوافز بصورة أكبر من الرجل ..