نسوان فويس- مروى العريقي
تجلس أم فردوس على أحد كراسي الانتظار بمستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء و القلق يعتصر فؤادها على ابنتها التي أُدخلت غرفة العمليات بعد مخاض استمر يوم كامل ، تقول أم فردوس لنسوان فويس : ابنتي بكرية و ما كنا نعرف أنها بتولد بعملية قيصرية ، كانت الدكتورة تُطمئنها من بداية حملها أنها بتولد طبيعي ..
لم تكن تطمينات الطبيبة في محلها إذ استدعت حالة فردوس التدخل الجراحي لإنقاذ حياة الطفل بعد نفاذ كمية الماء المحاطة به كما أُبلغت الأسرة في المستشفى ..
على ذات ممر المشفى ، يقف علي مجاهد في انتظار قدوم مولودته الجديدة و هذه المرة الثالثة لخضوع زوجته الولادة القيصرية الانتقائية ، إذ تفضل زوجته الولادة القيصرية عن الولادة الطبيعية ، و لا يملك علي إلا موافقتها يقول : زوجتي لا تريد الولادة الطبيعة على الرغم من تطمين الطبيبة لها ، يصيبها الخوف و القلق في كل مرة يبدأ فيها المخاض ، وكون العملية آمنة لها فلا أقف أمام رغبتها .
أسباب العملية
قد تختار المرأة الولادة القيصرية دون الحاجة لها و إنما لأسباب نفسية ، و قد تلجأ أخريات إلى الولادة الطبيعية نظراً للتكلفة الباهظة لتلك العمليات ، و التي تصل تكلفتها إلى 500 ألف ريال يمني ما يقارب (700 دولار) في المستشفيات الخاصة ، الأمر الذي يعتبر حافزاً للتشجيع عليها لزيادة الإيرادات ، دون أي اعتبار للمخاطر الناجمة عنها ..
و تتعدد أسباب إجراء العمليات القيصرية فمنها أسباب تتعلق بالطفل كأن يكون حجمه أكبر من حجم حوض الأم أو أن وضعيته ” مرجل ” أو “مستعرض” أي لا يتجه رأسه للأسفل ، أو تنخفض ضربات قلبه ، و إما أن يخرج الحبل السري قبله ، و تسرد الدكتورة وفاء العبسي أخصائية النساء و التوليد الأسباب المرتبطة بالأم تقول لنسوان فويس : قد تكون بسبب ضيق الحوض أو حدوث نزيف ما قبل الولادة بسبب انفصال المشيمة أو تقدمها ، و قد يكون هناك تقلصات غير منتظمة أو طريقة انفعالية أكثر للرحم أثناء الولادة مما يؤدي إلى انفجار الرحم ، أو يحدث عدم انفتاح أو تصلب في عنق الرحم ينتهي بعملية قيصرية .
العمليات السابقة
من الأسباب المرتبطة بالأم اجراءها لعمليات سابقة ، كما توضح العبسي : وجود ألم بالعملية السابقة مما أدى إلى احتمال انفتاح العملية السابقة في حال عندها أكثر من عملية سابقة ، أو تكون أجرت عملية مرتبطة بالنسائية مثلا امرأة قامت بإصلاح العجان بعد الولادة ، أو يكون لديها ناسور ولادي ، أو يكون عندها اصلاح لقناة الدبر أو ارفاع للرحم أو أي عملية سابقة في الرحم قد تؤدي إلى انفجار الرحم في حال محاولة للولادة الطبيعية ..
و هناك أسباب مرضية كالسكر، التهابات مجرى الولادة ، فيروس هربس ، حدوث تسمم حمل ، أو وجود الأورام أو الأكياس خاصة ذات الحجم الكبير قد تمنع خروج الطفل ، و أحياناً تعب الأم المفاجئ كضيق التنفس أو أن عمرها تجاوز 35 سنة و تكون ولادتها بالطفل الأول ، كذلك أن تكون الأم سبق و أجرت عملية في الجزء العلوي للرحم ، أو حدثت لها مضاعفات في الولادة السابقة كحمى النفاس ، بحسب اخصائية التوليد وفاء العبسي ..
وعي
تحكي نسرين (30 عاما ) تجربتها في الولادة لنسوان فويس تقول : كانت تتابع حالتي طبيبة من بداية حملي ، سألتني عن سبب عدم تواجد زوجي معي و عن طبيعة عملة فحين عرفت أنه مغترب خيرتني بين اجراء عملية قيصرية أو الولادة الطبيعية ، و يوم ولادتي وصلت إلى مستشفى خاص قريب من المنزل بعد مضي ثلاث ساعات قرروا ادخالي غرفة العمليات ، رفضت و خرجت إلى مستشفى حكومي و الحمد لله ولدت طبيعي ..
أما رولا وليد تقول : حاولت الولادة طبيعي من الصباح لكني طلبت اجراء العملية في العصر لأني خفت أخسر مولودتي الأولى ..
توقعات طبية
لكل حالة ولادة ظروفها ، فالحديث قبل الولادة يظل توقعات وفقاً للحالة ، و قد يحدث عارض يغير من تلك التوقعات ، و هذا ما يجعل المرأة تلد اطفالها إما ولادة قيصرية أو ولادة طبيعية تقول العبسي : إذا كانت العملية الأولى و كانت الأسباب متعلقة بالطفل و ليست بالأم و إذا كانت أكثر من عمليتين فالعملية الثالثة تكون واجبة عملية قيصرية ، و لكن إذا كانت الأم بكرية و ولدت في العملية الأولى قيصرية لأسباب راجعة للطفل و في الحمل الثاني و كان فيه تباعد أكثر من سنتين بإمكان الأم أن تولد ولادة طبيعة ..
في غرفة مشتركة مع خمس نساء أخريات ستقضى فردوس أربع ليالي بعد خروجها من غرفة العمليات حتى تتحسن صحتها ، و يتوقع تعافيها خلال ستين يوماً ..
و تموت امرأة كل ساعتين في اليمن أثناء الوضع ، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، و غالباً ما ترفض المستشفيات الحكومية ، إجراء عمليات الولادة القيصرية إلا للضرورة التي تحددها الطبيبة ، فيما ترتفع نسبتها في المستشفيات الخاصة لأدنى سبب ، أو حسب الرغبة ..
و وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يقدر عدد الولادات على الصعيد العالمي بحوالي 140 مليونا سنويا ، تحدث معظمها دون مضاعفات للنساء وأطفالهن، و مع ذلك زاد مقدمو الرعاية الصحية على مدى السنوات العشرين الماضية من اللجوء إلى التدخلات التي كانت تستخدم في السابق فقط لتجنب المخاطر أو علاج المضاعفات، مثل ضخ الأوكسيتوسين لتسريع عملية الوضع أو العمليات القيصرية .