مروى العريقي – نسوان فويس
تُشكّل العادات والتقاليد عاملاً رئيسياً في تكوين شخصية الناس واتخاذهم للقرارات المتعلقة بقضاياهم العامة والخاصة في مختلف مناطق اليمن خصوصاً الريفية، إذ يمارس الناس حياتهم بنمط اجتماعي خاص ومتوارث منه ما يؤثر سلباً على حياة الفتيات، حيث يجرّم الناس في بعض أرياف اليمن تعليم الفتيات في المدارس المختلطة مع الفتيان، بينما يكتفي البعض بتعليمهن لمراحل دراسية محددة، إضافة إلى آخرين يرفضون تماماً فكرة تعليم فتياتهم
واليوم أثبتت النساء أنه حين تتاح لهن فرصة التعليم يحققن النجاحات، فلا عوائق اجتماعية تحد من طموحهن أو تقلل من تلك النجاحات، في هذا التقرير نستعرض قصة إحدى الملهمات والعوائق التي تقف حجر عثرة أمام تعليم الفتيات في الريف..
بلقيس محمد مرشد العامري إحدى فتيات محافظة ريمة اليمنية، تلقت تعليمها في محافظة الحديدة – غرب اليمن- حيث نشأتها واستقرارها مع زوجها، الأمر الذي ساعدها على تجاوز العادات والتقاليد في محافظتها و إنهاء تعليمها بيُسر، درست الحاسوب وعملت بعد ذلك كإدارية في البنك اليمني للإنشاء والتعمير فرع باجل، واليوم هي مديرة مدرسة الأمين الأهلية..
لا تملك بلقيس مشروع خاص بها لكن بفضل تميزها بعملها، اختارها أحد رجال الأعمال في مدينة باجل لتكون مديرة لمدرسته الأهلية، تقول لنسوان فويس: لم أجد صعوبة في التعليم لا عائلية ولا مجتمعية كان الزوج متفهم وكذلك الأهل لم أجد كون المدرسة ليست ملكي وإنما تم تعييني لإدارتها
حققت المدرسة نجاحا لافتاً في المديرية وتحظى اليوم بسمعة جيدة بين المدراس، لم تكن تتوقع بلقيس حصد هذا النجاح بوقت قصير لولا تميزها بعملها وأثباتها كفاءة عالية بدورها القيادي فهي التي تدير المدرسة منذ افتتاحها في العام 2013م بكادر نسائي، ويقدر عدد الطلاب بنحو 400 طالب وطالبة، في المرحلة الأساسية..
وفي واقع ملئ بالعثرات تقول الاحصائيات أنه يوجد في بلادنا أكثر من مليوني طفل خارج المدرسة في الوقت الراهن، والغالبية العظمى من هؤلاء الاطفال هن من الفتيات، كما أن التعليم الأساسي لا يزال غير متاح لكثير من الفتيات لا سيما اللواتي يعشن في المناطق الريفية النائية، وفقاً لمنظمة “اليونيسيف“، وغالباً ما يقبع اليمن في المراكز المتأخرة في التصنيفات الدولية لحقوق المرأة، كما اعتبر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي للفجوة بين الجنسين، اليمن أحد أسوأ البلدان التي يمكن للمرأة أن تعيش فيها..
القيادة
وأدت الصور النمطية السلبية، بشأن دور المرأة في المجتمع وكذلك المواقف الذكورية، وانعدام المساواة الاقتصادية، إلى مفاقمة الوضع الهش للمرأة فيما يخص فرصها في التعليم، والحصول على بقية الحقوق السياسية والاقتصادية، إضافة إلى أن النساء يواجهن محدودية الحركة، بسبب المعايير الثقافية السائدة بين الجنسين، التي تحظر على المرأة التحرك بمفردها من دون رجل من أقاربها.
وعن أهمية تولي النساء لمناصب قيادية في قطاع التعليم ترى الأستاذة رشيدة محمد هاشم مديرة مدرسة خولة بنت الأزور – الحديدة – باجل أن المرأة أكثر استشعارا لمسؤولياتها أينما وجدت، وقادرة أن تحول أي قطاع تديره إلى قطاع فعال ومتميز متى ما وجدت الاجواء المناسبة والمناخ الابداعي وقد تخلقه بإرادتها
وتقول في تصريح لمنصة نسوان فويس: تأتي الأهمية في قيادة المرأة لقطاع التعليم نتيجة قرب المرأة ومعرفتها بما يحتاجه الطفل أو الطفلة الشاب والشابة من احتياجات، تمكنهم من التعلم بشكل صحيح فهي المربية الأولى والمعلمة الأولى في المنزل، خاصة عندما تتولى هذا المنصب بعد مرورها بخبرة كمعلمة فهي أقدر وأجدر بتحمل هذه المسؤولية، وهي أيضا أكثر قربا من الفتاة ومتعمقة في المشاكل والمعوقات التي تعيق تعلمها فستسعى لإيجاد حلول لهذه المشاكل والمعوقات..
المعوقات
وتذكر هاشم جملة من المعوقات التي تحول دون تعليم الفتيات في المناطق الريفية، تقول في حديثها لمنصة نسوان فويس: المجتمع الذي يعج بالجهل والأمية من حولها خاصة الأسرة، فبعض الأسر ترى وجودها في المنزل للقيام بأعبائه أولى من التعليم، والبعض وإن الحقها بالمدرسة لا يعفيها من العمل في المنزل وخارجه، مما يضاعف عبأها ويؤدي لسقوطها دراسيا..
وتشير هاشم إلى قصور نظرة المجتمع الريفي للمتعلمة، إذا يرى الناس في تعليم الفتيات خروج عن العادات والتقاليد، بالإضافة إلى تحمل الفتاة في الريف المسؤولية أكثر من الفتاة في المدينة، وذلك لعدم توفر الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء وغيرها مما يضطرها لجلب الماء والحطب وغسل الملابس باليد فكل ذلك يأخذ من وقتها على حساب مذاكرتها.
وتضيف: اشتغال الأهالي بالزراعة والحصاد والرعي ومنهم الفتاة التي تضطر أحياناً لترك الدراسة لتساعد أسرتها ، إلى جانب عدم توفر المدارس القريبة من الأرياف لإحساس الأهالي بعدم الأمن فلا يتكلفون عبء المواصلات حتى يلحقوا بناتهم بها، يساهم في حرمانها من التعليم.
قوتها عملها
توجه بلقيس رسالة لفتيات جنسها عبر نسوان فويس: قوة المرأة في عملها، فالحياة صعبة في كل شيء، سوى في العمل أو في البيت، فالفتاة المتعلمة يجب أن تخرج للعمل في تخصصها دون استصعاب للأمر الشيء الذي تعلمته لابد أن تطبقه وكل ما واجهت صعوبات كل ما تمكنت من حل المشاكل، ويكون لديها إدراك للعمل وإدارة للوقت..
كما تقدم رسالة أخرى لأولياء الأمور تقول: الاهتمام ثم الاهتمام ثم الاهتمام بتعليم أبنائكم، من واقع عملي اليوم أجد كثيرين بمجرد انتهاء الطفل من الصف الرابع ينتهي الاهتمام به، وهذا غير صحيح فالتأهيل والمتابعة لابد أن تتم في جميع المراحل..