يشهد العالم كل يوم تحول آلاف الأطفال إلى أيتام، بسبب الحروب، والنزاعات، والجفاف، والأوبئة، والمجاعات، وغيرها.. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة اليونيسيف إلى أن عدد الأيتام وصل في عام 2015 لما يقرب من ١٤٠ مليون يتيم على مستوى العالم، ووفقا لتقديرات؛ فإنّه إذا جاز أن يكون للأيتام دولة خاصة بهم، فإن عدد سكانها سيحتل المرتبة التاسعة في العالم..
فيما تتفاوت إحصائيات الأيتام لدى كل منظمة تظل نسبة الأيتام في عدد من الدول العربية والإسلامية كبيرة بسبب الصراعات التي تعيشها أو مرّت بها..
ودعت مؤخراً عدة منظّمات وجمعيات خيرية عالمية للاهتمام باليتيم، وتم تحديد يوم عالمي لليتيم، هو اليوم الأول من شهر أبريل من كل عام ، حيث يتم في هذا اليوم محاولة إسعاد الأيتام ، وتقديم الهدايا لهم وقضاء أوقات سعيدة معهم..
وفي مصر والدول العربية أُتفق على أول جمعة من شهر أبريل موعداً ليوم اليتيم العربي، وتزامناً مع هذا اليوم نسلط الضوء على وضع الأيتام في اليمن..
وئد الطفولة
عائشة منصر – 20عاما- أم لطفلين، وئدت طفولتها بعد وفاة أبيها وإجبارها على الزواج من ابن عمها في سن الثانية عشر تقول لنسوان فويس: ” تزوجت صغيرة إلى بيت عمي، وما كملت الدراسة لأني كنت أهتم بالبيت وحبلت بسرعة” تعتقد عائشة أنه يجب عليها الزواج لكونها فتاة يتيمة ودور والدتها يقتصر على الاعتناء باخوتها الأبناء تقول: ” كان لازم اتزوج لأن عمي قرر كذا، من جهة أخفف الحمل عن أمي ومن جهة أخرى أساعد زوجته وعشان أكون في بيته، زوجني ابنه “!
على الرغم مما ذاقت من مرارة الفقد والتشرد والإكراه على الزواج، وجدت عائشة في طفليها الحب الذي فقدته بعد وفاة أبيها، فهي تدرك اليوم أهمية تواجدها بالقرب من ابناءها: “عوضني الله بابني وبنتي، وجودهم في حياتي فرق معي كثير، نفسي عيالي يكبروا قدام عيني وما يعيشوا التجربة اللي عشتها”..
تنتشر دور رعاية الأيتام في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، لكنها تفتقر للخدمات الإنسانية الكاملة، ولخصوصية المجتمع اليمني المحافظ ترفض عدة أسر يمنية ترك الفتيات في دور الأيتام ، فيبقين لدى أقارب لهنّ في حال وفاة الوالدَين..
والعرف السائد في دور الأيتام التي تحتضن الفتيات هو تزويجهن بعد وصولهن للسن القانونية، كما توضح ذلك الأخصائية الاجتماعية والنفسية ماجدة عبد الجبار: أغلب البنات عندما يصلن للسن القانوني يتم تزوجيهن، البعض منهن يتوفقن والبعض الآخر لا فيبقين، وبطبيعة الحال الفتيات يقبلن بالزواج لأنه لا يوجد بديل آخر لخروجهن من الدار”..
غياب المستقبل
وتؤكد عبد الجبار أهمية إيجاد مستقبل لخريجي دور الأيتام بتبني مشروع صغير أو تأمين وظيفة عبر فاعلي الخير، حتى يتم دمجهم في المجتمع ولا يشعروا بالنقص..
وشددت على أهمية دور الدار في تبنى اليتيم وإخراجه مؤهل للحياة خارج الدار بتعليمٍ جيد وتفاعل بارز في مجتمعه، وليس التركيز على التأهيل في جانب واحد ، غالباً ما يكون في تحفيظ القرآن أو الاحتفال بتزويج فوج منهم..
وحثت الأخصائية الاجتماعية الدولة على معالجة قضايا الأيتام في الدار وتوفير الدعم المالي الكافي لهم وكذلك المعنوي أثناء تواجدهم بالدار وبعد خروجهم منها..
وعن الدعم المجتمعي لهذه الفئة من المجتمع تقول عبد الجبار: يغلب اهتمام المجتمع بالأيتام المتواجدين مع أسرهم وفي منازلهم، وهو اهتمام لا نستطيع حصره فهو بالأساس يتم كصدقة، لأنه لا يوجد في مجتمعنا ثقافة العطاء لدور الأيتام ولعل عدد كبير من الناس لا يعرفون بتواجد هذه الدور..
ضنك العيش
وفقا لمؤسسة اليتيم التنموية فإن 47 طفل يتيم دون سن السابعة عشرة من بين كل 1000 فرد ينحدر غالبيتهم من أسر فقيرة، وقد خلفت الحرب في اليمن ما يزيد عن 79 ألف يتيم، ليتجاوز بذلك إجمالي أيتام اليمن مليون ومائة ألف يتيم بحسب إحصائيات المؤسسة.
وبحسب تقرير سابق للمؤسسة، فإن أسر أولئك الأيتام تعيش صنوفاً من المعاناة القاهرة، حيث أن 60% من أبناء أسر الأيتام لا يكملون تعليمهم بعد الثانوية بالإضافة إلى 3% من الأيتام يعانون من الإعاقات و4% من أبناء أسر الأيتام يعانون من أمراض نفسية واكتئاب و9% من أمهات الأيتام تعاني من أمراض مزمنة وخطرة وإعاقات وحالات شلل في حين 70% من أسر الأيتام تفتقر للخدمات الصحية ولا تستطيع شراء الدواء ولا الذهاب للمستشفيات.