نسوان فويس- مروى العريقي
حرص المجتمع الدولي على توفير الحماية الدولية لكافة الحقوق والتأكيد على حق المرأة في العمل مع الرجل من خلال إعلانات ومواثيق ومعاهدات وضمان المساواة في كافة مظاهر الحياة داخل المجتمع الواحد دون أي تفرقة أو عصبية على أساس النوع فاعتراف المجتمع الدولي للمرأة بحقوقها كافةً بشأن حرية العمل وحظر العمل الجبري، ورغم توقيع اغلب البلدان على تلك الاتفاقات والمصادقة عليها، يمارس بحق النساء تمييزا في مجالات عملهن..
الفرص المتساوية
بحسب تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022” الصادر عن البنك الدولي، إن نحو 2.4 مليار امرأة في سن العمل لا تتاح لهن فرص اقتصادية متساوية، ويضع 178 بلدا حواجز قانونية تحول دون مشاركتهن الاقتصادية الكاملة. وفي 86 بلدا، يوجد شكل من أشكال القيود على عمل المرأة، بالإضافة إلى أن هناك 95 بلداً لا يكفل للنساء المساواة في الأجر للعمل المتساوي القيمة.
على ذات السياق، يقول تقرير سابق للبنك الدولي أنه على مستوى العالم، مازالت النساء لا يتمتعن إلا بثلاثة أرباع الحقوق القانونية الممنوحة للرجال – إذ يبلغ مجموع النقاط للنساء 76.5 من 100 نقطة يمكن تسجيلها، وهو المستوى الذي يشير إلى المساواة القانونية الكاملة.
وبحسب التقرير سجَّلت منطقتا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب صحراء أفريقيا أكبر تحسينات على مؤشرات تقرير المرأة والعمل والقانون في 2021، لكنهما لا تزالان متأخرتين عن مناطق العالم الأخرى بشكل عام.
وفي أنحاء العالم، يمنح 118 بلدا إجازة امومة مدفوعة الأجر مدتها 14 أسبوعاً للأمهات، ويفرض 114 بلدا، أي أكثر من نصف الدول التي شملها التقرير، إجازة مدفوعة الأجر للآباء، ولكن بمتوسط مدة أسبوع واحد فقط، بحسب التقرير..
العوامل المؤثرة
من جهتها وضحت الدكتورة روزا جعفر الخامري – القائمة بأعمال مديرة مركز المرأة للبحوث والتدريب بجامعة عدن- في ورقة بحثية سابقة لها – حصلت نسوان فويس على نسخة منها – الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لعمل المرأة، “أن هناك مجموعة من المتغيرات وعوامل تعكس نفسها على حياة المرأة العاملة وتتأثر بها وتؤثر عليها، وأن هذه العوامل تؤثر على مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي في المجتمع ويتأثر بها النشاط الاقتصادي، وأن العادات والتقاليد والحالة الاجتماعية للمرأة والبنيان الاقتصادي للمجتمع والحالة الاقتصادية تؤثر في خروج المرأة للعمل من عدمه وفي اختيار نوعية العمل، إضافة إلى أنه تبين لنا أن عمل المرأة يؤثر في الظروف المحيطة بها سلباً وإيجاباً ويؤثر في حياتها وأفكارها وسلوكها كما يؤثر في حياة أسرتها ويؤثر على المجتمع الذي تعيش فيه ويساعد في عملية التنمية”.
التأهيل والتدريب
يمثل التدريب المهني أهمية في حياة المرأة العاملة، إذا أنه يلعب دوراً كبيراً في تمكين المرأة من دخول مجالات مهنية عديدة ومتنوعة وهو الوسيلة لرفع مستوى كفاءتها المهنية والإنتاجية، كما تبين ذلك الخامري في بحثها: “لا تزال تعاني المرأة تمييزاً ناتج في الأساس عن تخلي المشرع عن تنظيم المسائل التفصيلية في علاقة العمل وتركها للمجال الاتفاقي في إطار التفاوض الجماعي وكذا تدني مستوى التكوين النقابي عند المرأة والرجل الأمر الذي أدى إلى إهمال الكثير من الضمانات والآليات التي تؤمن حقوق المرأة في حياتها المهنية.”
الحلول
وقدمت الخامري جملة من التوصيات كانت أهمها، إضافة فقرة رابعة للمادة (45) من قانون العمل ينص فيها على أنه ” لا يجوز بأي حال من الأحوال فصل المرأة العاملة أثناء تمتعها بإجازة الوضع “.
وذلك حتى لا تتخذ حصول المرأة على هذه الإجازة حجة وعذر لفصل النساء العاملات من أعمالهن وذلك استناداً لنص المادة (30) من الدستور اليمني والتي تنص على أن “تحمي الدولة الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب واستناداً للمادة (11) البند (2) الفقرة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تنص على ” إدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر أو الممنوحة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعلاقات الاجتماعية “.
كما أوصت بضرورة إضافة مادة جديدة لقانون العمل يكون نصها كالآتي: “على أصحاب العمل اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العاملة الحامل من أي مخاطر قد تؤدي إلى الأضرار بصحتها أو حملها مع احتفاظ العاملة بحقها في العلاج والتعويض”.
ذلك أن العاملة خلال فترة الحمل تحتاج إلى الكثير من الحماية والاهتمام من أية مخاطر قد تؤثر على صحتها أو صحة الجنين وذلك استناداً لنص المادة (30) من الدستور اليمني والمادة (12) الفقرة 2 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تنص على “تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة ” وبالرغم من أحكام الفقرة فإن هذه المادة تكفل الدول الأطراف للمرأة خدمات مناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، موفرة لها خدمات حماية عند الاقتضاء، وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة”.
واوصت الخامري تعديل المادة (90) في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1999، والتي تنص على أن “تحدد ساعات عمل المرأة الحامل بأربع ساعات في اليوم اعتباراً من الشهر السادس وبخمس ساعات في اليوم إذا كانت مرضعاً حتى نهاية الشهر السادس لوليدها”، على أن تغير العبارة الأخيرة والنص لتصبح ” حتى نهاية العام الأول لوليدها “.
ولفتت الخامري إلى ضرورة تبنى المرأة في مجال التدريب الفني والمهني، من خلال: تمكين المرأة من التدريب والتأهيل الذي يلبي احتياجات التنمية الاقتصادية وفق سياسة تشكيل وتدريب تؤكد على قدرة المرأة وعطائها دون حصرها في أعمال أو مهمة خدمية تقليدية.
بالإضافة إلى تحسين نوعية التعليم والتدريب الفني والمهني وإتاحة الفرصة للمرأة العاملة للتدريب على التكنولوجيا الحديثة.
وأشارت إلى ضرورة تطوير مؤسسات التعليم والتدريب الفني ومشاركة القطاع الخاص في هذا مع الجهات الحكومية، والاهتمام بعمل برامج ومناهج ومناخ تدريبي ومنشآت ومدربين ومعلمين لإعادة تأهيل العمالة النسائية الموجودة في القوى العاملة.
ونوهت إلى وضع برامج تثقيفية وإعلامية لزيادة الوعي للمرأة بأهمية التعليم والتدريب الفني والمهني وتوعيتها بحقها في الحصول على أعلى المستويات التدريبية.