تأخر سن الزواج لدى المتعلمات .. إختيار أم فات القطار؟!

شارك المقال

امل وحيش :نسوان فويس

أكثر من 2مليون عانس في اليمن

يُعَرف الزواج على أنه اقتران الرَّجُل بالمرأة بمراسيم شرعيَّة دِينيَّة أو مدنيَّة، كما أنه تلك العلاقة المشروعة بين شخصين لبناء عائلة مستقرة يكون بطلاها المرأة والرجل. وبالنسبة لكثير من الرجال والنساء يعتبر الزواج هو إكمال نصف الدين وآن الآوان أن يجتمع قلبين تحت سقف واحد، وفي اليمن من المعروف أن سن الزواج يبدأ من سن 15 عاماً فما فوق بالنسبة للأولاد والبنات على حد سواء ،ومن يتعدى سن الخامسة والعشرين من الجنسين يعتبره  المجتمع خاصة في الريف بأنه قد شاب وبالمصطلح الحديث أصبح عانساً.

وفي السنوات الأخيرة لوحظ تزايد عدد النساء الغير متزوجات وخاصة المتعلمات منهن أي أصبح يطلق عليهن مصطلح عانسات إذ تجاوزن سن الثلاثين وبحسب تقرير أعده الجهاز المركزي للإحصاء عام 2009  قدر عدد الفتيات اليمنيات اللواتي لم يتزوجن بعد بأكثر من مليوني فتاة وربما تضاعف العدد خلال هذه السنوات.

هل فات القطار؟

لم يفت القطار إنما النصيب يحكم في تقدم أو تأخر سن الزواج لدى الفتيات المتعلمات بحسب رأي ريهام (اسم مستعار) خريجة إعلام  وتبلغ من العمر 32  عاماً فهي ترى أن الزواج نصيب بالدرجة الأولى و ثانياً  تعزي عزوف الشباب عن الارتباط بالمرأة المتعلمة إلى الخوف من أن تكون أفضل منه تعليمياً ومهنياً أو القلق من أن المرأة المتعلمة تكون شخصيتها قوية وبالتالي يخاف الشاب الارتباط بامرأة جامعية.

أما سعاد مصممة جرافيك 34 عاماً غير متزوجة ترى أن هناك أسباباً كثيرة منها ما يعود إلى أن الفتاة المتعلمة طموحة وكلما تعلمت  وقرأت أكثر تغيرت نظرتها للحياة وبالتالي تتغير نظرتها للشريك، كذلك من أهم الأسباب خوف الفتاة المتعلمة من الارتباط يعود إلى خوفها من أن تترك تعليمها بعد الزواج وهذا ما يحصل لكثير من الفتيات اللاتي يتزوجن وهن مازلن في المرحلة الثانوية أو الجامعية، وعن رأيها حول فوات القطار وأن الفتاة بعد الثلاثين تعتبر قد أضاعت فرصة الزواج تقول سعاد أنه بحكم  العادات والتقاليد فمن تعدت سن الثلاثين فإنها تعتبر عانس وفاتها القطار برأي الكثير ،لكن بالمقابل هناك من يرى أن تأخر سن الزواج أمر اختياري وطبيعي جداً لكنهم قلة. وسبب آخر تراه سعاد مهماً هو أن كثير من الشباب منذ البداية لا يرون في المرأة المتعلمة زوجة مناسبة لهم وإن كان بعض الشباب يرغبون في الارتباط بامرأة متعلمة أو ناشطة أو موظفة فإن الأهل يقفون عائقاً أمام تحقيق ذلك.

لم تجد الشخص المناسب

عماد ذيبان شاب يعمل في مجال المطبوعات بمحافظة عدن يرى أن من أهم أسباب تأخير سن الزواج لدى المرأة المتعلمة هو أنها لم تجد الشخص المناسب لها متعلم كان أو غير متعلم فهي تبحث عمن يفهم فكرها أقل شيء، ولأنها درست وتعبت من أجل تكون سند لنفسها مستقبلاً في حال خانتها الظروف.

كما يضيف أن كثير من الرجال لا يرغبون بالزواج من امرأة تعمل ويُنظر إليها على أنها ربة بيت فقط وهذه نظرة خاطئة حسب قوله.

ويشدد على ضرورة تعلم المرأة كي يضمن وجود أسرة ناجحة ومتماسكة فالتعليم ليس عيباً للفتاة بل سلاح لها يحميها من تقلبات الحياة.

شروط غير منطقية

ترسم كل امرأة في مخيلتها أحلام وردية لشريك حياتها وترى في فارس أحلامها ذلك الشخص الذي سيكون  كما هي رسمت بأخلاقه وشكله ووظيفته لكنها قد تنصدم بالواقع فتتراجع عن فكرة الارتباط كلياً بحسب رأي أم أحمد 

وتضيف أكثر الشباب لا يفكرون بالزواج من متعلمة لأن شروطها تعجيزية وغير منطقية بالنسبة لهم حتى لو كانوا متعلمين وتدعو إلى الاعتدال بالشروط وبأن الجميع لديه عيوب لذلك وجب التنازل عن أشياء كمالية برأيها من أجل اللحاق بقطار الزواج حد تعبيرها.

بينما ينظر المجتمع إلى المرأة التي تخطت سن الثلاثين بأنها عانس وبأن قطار الزواج قد فاتها، وتكثر المطالبات للمرأة المتعلمة بالتخفيف من الشروط والقبول بالزواج من الرجل المتقدم طالما وأنه لا يعيبه شيء لكن ترى المرأة الغير متزوجة في المتقدم ما لا يراه الآخرون ولا تستطيع أن تشرح لهم وجهة نظرها كما هي تريد، لذلك تعمد الكثير من الفتيات إلى اختصار الإجابة عن السؤال الأكثر شيوعاً لدى الجميع “لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟” تكتفي بقول كلمة “نصيب”

و يرى مختصون أن الفتاة المتعلمة لا تفكر في الزواج بسن مبكرة حتى تنهي تعليمها الجامعي وبعد ذلك تأتي فكرة الوظيفة وربما التعليم العالي الأمر الذي يؤخر الزواج، ولا تلتفت الفتاة إلا وقد تخطت سن الثلاثين دون أن تشعر وبالتالي كلما تقدمت بالعمر تبدأ بالتنازل عن كثير من الشروط التي كانت تحلم بها بشريك حياتها وقد ترتبط برجل متزوج كي لا يقال عنها عانس أو كي تلحق ركب الأمهات وتنجب أطفال.

اليمن في المرتبة 14 من حيث العنوسة

بفعل الأوضاع التي تعيشها اليمن أصبح التعليم والعمل من  أجل إثبات الذات أو توفير لقمة العيش أو إعالة أسرة من أهم اهتمامات المرأة اليمنية وذلك قد يكون على حساب الزواج وتكوين أسرة ، الأمر الذي قد يتحول إلى ظاهرة مخيفة في المجتمعات العربية ككل والمجتمع اليمني على وجه الخصوص وهي ظاهرة “العنوسة” .

هناك عوامل أخرى رصدها مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث  في بحث نشره مطلع العام 2021 حول  ارتفاع معدل العنوسة في الوطن العربي من ضمن هذه الأسباب تداعيات العولمة وآثار الثقافة الرقمية في اضطراب قناعات وخيارات الفتاة ورؤيتها للارتباط ، كذلك حوادث الطلاق المتكررة التي تبني اعتقاد لدى الفتاة المتعلمة بأن مشروع الزواج مشروع فاشل يترتب عليه آثار نفسية سيئة.

اعتمد التصنيف  والبحث دراسة مقارنة بيانات متوفرة تقديرية لإحصاء تأخر سن الزواج في 16 دولة عربية منذ 2013 إلى 2021

ويشمل البحث السكان الذين لم يتزوجوا (35 سنة فأكثر) في العالم العربي وبالأساس الإناث من خلال دراسة تطور معدلات الزواج في الفترة (2013-2021)، وعرفت بعض الدول ارتفاع نسبة الذين لم يتزوجوا أبداً في الفئة العمرية (35فأكثر). 

وصنف البحث اليمن في المرتبة (14) بنسبة تقديرية بنحو أكثر 30 في المئة، حيث تستمر حالة الحرب والصراع واللجوء في رفع نسب تأخر سن الزواج. 

بينما لا يزلن نساء لبنان يتصدرن المرتبة الأولى خلال الثماني سنوات الأخيرة في ترتيب أكثر العربيات تأخرا في سن الزواج (العنوسة) بنسبة 85 في المئة من نسبة الإناث فوق سن 35 عاما، الأمر الذي دفع بفتيات لبنانيات إلى إطلاق حملة تحت شعار “تزوجني بدون مهر”  للتخفيف من وطأة العنوسة المرتفعة كما ذكر في تقارير صحفية مطلع أغسطس 2021.

وتأتي البحرينيات في المرتبة قبل الأخيرة (16) بنسبة 25 في المئة وتعتبر الأقل خليجيا في نسبة العنوسة وتأخر الزواج 

وفي الترتيب الأخير جاءت الفلسطينيات كأكثر العربيات إقبالا على الزواج وأقلهن عنوسة بنسبة لا تتجاوز 12 في المئة فقط

وكان آخر تقرير رسمي يمني أعده الجهاز المركزي للإحصاء عام 2009 قد قدر عدد الفتيات اليمنيات اللواتي لم يتزوجن بعد بأكثر من مليوني فتاة معظمهن تخطين سن الثلاثين.

مصطلح العنوسة وهو تعبير عام يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد سواء الذكر أو الأنثى لكنه شبح يطارد الفتاة العربية والفتاة اليمنية المتعلمة على وجه الخصوص كونها تعيش في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، ومن تقاليده الزواج المبكر فتأخر زواج الفتاة في نظره أمر معيب. 

لكن بحسب رأي الكثيرات ممن قابلناهن من فئة المتعلمات والعاملات يرين أنها ليست عنوسة وإنما هن اخترن طريق التعليم والوظيفة لإثبات ذواتهن في مجتمع لا يعترف بالمرأة إلا زوجة ومكانها المطبخ بحسب العادات المتوارثة  كذلك الرغبة في الوصول إلى مراتب علمية وعملية تتمناها المرأة وقد تضحي بالزواج من أجل هذه الأحلام والطموحات التي تغلب الرغبة بالزواج والإنجاب لدى بعض الفتيات.

ما بين رأيهن في أسباب عزوفهن عن الزواج ونظرة المجتمع التي تراهن بعين الشفقة تارة وعين الاستهجان تارة أخرى ..يظل السؤال الأهم هل تأخير سن الزواج ..اختيار أم نصيب؟!

مقالات اخرى