زوج بمصير مجهول ..طفليين .. حرب وشظف .. وكفاح إمرأة

شارك المقال

نسوان فويس – وفاء صالح

هي الحرب وويلاتها بل لعناتها ..أينما حلت غرست مرارا وذعرا ووجعا ونسجت أنات ومعاناة ، لا تفرق بين أحد وأحد لكنها أشد وبالا على الفقراء والمكافحين في هذا البلد ، لاسيما إن كانوا من محافظة ريمة تلك المحافظة المنسية والأشد تهميشا ، والمعروف رجالها ونسائها بالأشد بؤسا ومقاومة رغم التهميش والفقر ورغم افتقادهم لأبسط أسحلة المقاومة لعواصف الحياة ومرارتها ومعاناتها.

أينما وجدت شخصا من محافظة ريمة وجدت قصة عظيمة وقصة كفاح لا تنتهي كقصة (حياة ذات الثلاثين ربيعا) المرأة التي وجدت نفسها وحيدة ومسؤولة عن طفلين في ظل ظروف إنسانية صعبة بعد إختفاء زوجها وعدم معرفتها لمصيره وتخلي أقرب الناس لها ، عنها .

تحكي حياة قصتها لنسوان فويس فتقول (تزوجت بابن خالي في العام 2010م وكان يعمل صيدلاني ويدرس بذات الوقت ، بعد التخرج فتح صيدلية واشتغل فيها كان يأخذ الادوية بطريقة الدين من شركات الأدوية لأنه لا يملك رأس المال ). 

بداية إحتجاجات 2011م 

وبعد اشتعال المظاهرات والإحتجاجات في العام 2011م في العاصمة صنعاء  تدهور وضع الصيدلية لأنها كانت موجودة في منطقة الدائري التي كانت مقرا للإحتجاجات وبعد أن أصبحت منطقة مغلقة ، فبدأ العمل يقل حتى اضطر الى أغلاق الصيدلية بعد الخسائر الكبيرة التي حدثت حتى اغلقها .

بحث عن عمل آخر في صيدلية أخرى لكنه لم يستمر طويلا بعد ذلك ترك العمل في الصيدلية ، فقام بفتح محل صغير للخضروات ، في البداية كان المدخول جيد لكن مع مرور الوقت بدأ العمل يقل وتراكمت عليه الديون وأصحاب الديون بدأو يطالبونه بديونهم حتى تعبت نفسيته  وجلس بالبيت عاطل عن العمل ، والديون تزداد يوم بعد أخر.

بداية الحرب  بداية الضياع

تقول حياة  مع بداية الحرب زاد الوضع سوءا تركنا المدينة وسافرنا للقرية للعيش هناك مع والديه وعمل في بيع القات لكن لم يكن الدخل يكفي لإعالة اسرة ،فقرر السفر للسعودية بعد أن قضى فترة بالسجن بسبب الديون التي عليه ، وكنا قد عشنا فترة جدا صعبة بسبب سجنه وهو العائل الوحيد .

2016 سافر للسعودية تهريب وفي آخر اتصال قال لي (انا في الحدود وفي اشتباكات بين اليمن والسعودية لو اتصلتي وتلفوني مغلق لا تخافي مافي تغطية ) ومن بعد هذا الاتصال ماعاد عرفنا عنه أي شيء هل هو حي أو ميت نسمع من ناس يقولو محبوس وناس تقول مات ، بحثنا عنه بكل الوسائل والطرق ولكن بدون أي فايدة .

صورة أخرى للمعاناة 

بعد مرور سنة على اختفاء زوج حياة عادت إلى صنعاء تجر معها طفليين  وتحمل فوق عاتقها هموما ثقيلة لا قدرة لها على تحملها ، زوج مختفي غير معروف مصيره ، وطفلين بلا عائل فهي لا تجيد شيء ولم تجرب العمل من قبل . 

عادت لمنزل والدها لتعيش أوجاعا جديدة ، شظف العيش وشحة الدخل وحرب لا ترحم أحد عالة على أهلها الذين يعانون أيضا ظروفا مادية صعبة ،و بعد فترة من بقائها عند أهلها  تعرضت خلالها لأشد أنواع القسوة والمعاملة السيئة من بعض أقاربها بسبب كونهم غير قادرين على تحمل مسؤوليتها هي وأطفالها ، حتى  طردت من البيت .. 

بداية الوقوف

تقول حياة استقبلوني ناس من أقاربي وشجعوني على الدراسة والعمل وساعدوني عشان اوقف على قدمي واعيل نفسي وأولادي ، فدرست دورات كيفية عمل البخور والاكسسوارات والعطور، والحمدلله بدأت بمبالغ بسيطة أجرب أعمل وأبيع وكان حلمي غرفه تتسكر عليا أنا وأولادي وستر، 

 في البداية كان المدخول ضعيف لأني ما زلت أتعلم ورأس المال بسيط ، لكن مع مرور الوقت تحسن الوضع قليلا وبدأت أتعرف على ناس أكثر وأعمل بخور بعطور واكسسوارات بشكل أفضل حتى تحسن وضعي واستطعت أن أستأجر غرفة ودخلت  أولادي المدرسة والان أصرف عليهم وأكافح ، صح الدخل ما زال مش بالشكل الي يلبي إحتياجاتنا لكن الحمدلله كنت فين وأصبحت فين وإن شاء الله يتطور أكثر.

آمال وصمود 

تبقى حياة وبعد كل ما عاشته من ظروف صعبة ومعاناة قوية وصامدة لتصنع حياة كريمة لأبنائها ، وتحاول مدارة أوجاعها ، لتعيش على أمل عودة زوجها الغائب الحاضر معها دائما .

قصة حياة كقصص عديدة نسجت الحرب خيوطها من الألم الممزوج بالدم والفقر والجوع ، حرب بائسة لا تبقي ولا تذر ، لا أمل لإنهائها الا نهاية  الحرب ذاتها وفقط . 

مقالات اخرى