الناشطة سمية الحسام.. المرأة اليمنية قادرة على صناعة السلام.. والوصول إلى صناعة القرار لمن تريد”.

شارك المقال

كتبت:أمل وحيش

جهود تبذل من قبل المرأة والمنظمات المحلية والدولية لإيصال صوت المرأة اليمنية إلى من يهمه الأمر محلياً ودولياً لتعزيز مشاركتها في صناعة السلام، لكن ما يزال صدى ذلك الصوت ضعيفاً وربما غير مسموع. فالمطالبة الدائمة بإشراك المرأة اليمنية بصورة فاعلة في عملية السلام حلم كل امرأة تنشد السلام للوطن خاصة في ظل فترة الحرب التي تشهدها اليمن منذ أكثر من سبع سنوات .

تكتلات وحركات نسوية كثيرة تعمل في مجالات عدة ولكن كلها تجمع على أهمية السلام ودور الناشطات اليمنيات في حل النزاعات ونشر السلام في أوساط المجتمع من بينهن قصتنا لليوم “سمية الحسام””

ناشطة في مجال السلام

سمية أحمد الحسام محافظة حجة-منطقة المحابشة –قضاء الشرفي حاصلة على ليسانس شريعة وقانون من جامعة صنعاء عام م ،2008موظفة في وزارة العدل الشعب الجزائية المتخصصة، وعضو سابق في مؤتمر الحوار الوطني ممثلة عن شباب حجة، وصاحبة مبادرة “خطوة نحو السلام برؤية امرأة “حالياً تشغل منصب المدير التنفيذي لمنظمة مساندة للتنمية. استطاعت سمية أن تنال العديد من شهادات التكريم والمشاركة في مجالات عدة منها التنمية والثقافة والبيئة وإدارة الحوار والنزاعات ، كما أنها تنشط في مجال حقوق المرأة والطفل ، عملت كمتطوعة مع العديد من المنظمات المحلية والعالمية منذ العام2006م ، كما كانت مشاركة فاعلة في العديد من ورش العمل واللقاءات والمؤتمرات الوطنية والدولية ، شعارها دائما هو إحلال السلام والسلام المجتمعي أولاً ، استطاعت أن تساهم في ذلك ولو بجزء تراه هي يسير عما تطمح إليه ،من خلال المشاركة في حل العديد من القضايا المتعلقة بمجال السلام.

مبادرة ذاتية تساهم في وقف نزيف دم!

“خطوة نحو السلام برؤية امرأة” عنوان فضفاض قد يراه البعض مبالغ فيه، بينما تراه سمية بأنه حلم تستطيع أن تحوله إلى حقيقة، وتستطيع المرأة أن تثبت للعالم بأن لها رؤية وقدرات وإمكانات قد لا تجدها عند كثير من الرجال. جاءت فكرة تأسيس المبادرة بعد مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني وتحديداً بداية العام-2016م فترة بداية الحرب على اليمن حيث نشبت هذه الحرب ولدى سمية المزيد من التطلعات والأحلام الكبيرة في مجال السلام والسلام المجتمعي على وجه الخصوص.

موضوع النزاعات القبلية في اليمن تفكير قديم كان يراود سمية منذ الطفولة، حيث كانت تعيش بالقرب من منطقتين في حجة تسميان “وعلية وحجر” والتي يتقاتل أبنائها ليل نهار ،وتسمع باستمرار دوي انفجارات وأصوات الرصاص ما جعلها تظن أن هناك حرب عالمية على اليمن بينما الحقيقة أن هناك قبيلتين تتقاتلان فيما بينهما لأسباب غالباً ما تكون مشاكل على قطعة أرض.

هذه الخلفية التاريخية للحرب القبلية جعلت من سمية شخصية مهتمة بمجال حل النزاعات وإحلال السلام فحضرت العديد من الدورات التدريبة والورش في هذا المجال ، وقررت أن تكون من ضمن النساء المؤثرات في موضوع الوساطة والإسهام في عملية إحلال السلام المجتمعي في اليمن، فكانت الانطلاقة مع أبناء محافظتها والقضية الأبرز التي ساهمت في حلها ولاقت صدى إعلامياً واسعاً ، هي قضية قبيلتين من منطقة”الشاهل” بمحافظة حجة “بين بني بدر وبني القاعدي” والتي تعدان من أفضل القبائل اليمنية علماً وثقافة ومن أبنائها الأدباء والعلماء والشعراء والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين وغيرهم .استمرت الحرب بين القبيلتين لسنوات طويلة قد تتجاوز ال16 عاماً بسبب قطعة أرض وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى من طرفي النزاع ،وكانت النساء المتضرر الأكبر من هذه الحرب التي أنهكت الجميع . قررت سمية الحسام أن تقحم نفسها وتسهم في حل هذه القضية وتخاطب الجميع برسالة السلام وتكون طرف من أطراف عدة عملوا بجد لإنهاء نزيف دم طال أمده .نسقت وتواصلت مع الجهات المعنية من طرفي النزاع ومع الوسطاء وكذلك الجهات الأمنية وقيادة المحافظة فعمل الجميع على قدم وساق لمدة تجاوزت العام حتى كُتب لهذه القضية المؤلمة أن تنتهي وتوجت بعد مشقة سنوات بصلح وحل جذري” ونجح الجميع في تجاوز هذه المرحلة وفتح صفحة جديدة ملؤها السلام لأبناء هذه المنطقة الذين عانوا كثيرا.

تأثير المرأة اليمنية في عملية السلام في ظل الحرب

دائماً ما تدافع سمية الحسام في كتاباتها ولقاءاتها الإعلامية عن المرأة وتطالب باستمرار بأهمية إشراكها في عملية السلام وفض النزاعات المحلية، وتؤكد أن المرأة اليمنية كانت وماتزال الملاذ الآمن وهي السلام وتجزم بأن لها تأثير كبير في عملية إحلال السلام المجتمعي إن هي أرادت وأتيحت لها الفرصة ، ولكنها بالمقابل تقول إن إسهامات المرأة في قضايا السلام قليلة جداً وتحديداً منذ العام 2011 وحتى اليوم واقتصر دورها على حضور الدورات التدريبية في مجال فض النزاعات وإحلال السلام وتضيف بأن هذه التدريبات تجاوزت ال80 بالمئة أي أنهن أصبحن متمكنات من خوض غمار التجربة الإنسانية التي تصب جل اهتمامها في عملية نشر السلام بين أوساط المجتمع .

و حول تأثير المرأة في عملية السلام في ظل الحرب على اليمن أكدت الحسام  أن المرأة اليمنية مؤثرة وفاعلة في مجالات شتى أثناء  الحرب  فكثير من النساء الناشطات والمتطوعات يعملن في الميدان في مجال الإغاثة، وحل النزاعات المختلفة وغيرها من القضايا الإنسانية ، وتشيد الحسام بالدور الكبير الذي تقوم به نساء ناشطات في مجال حل النزاعات في المناطق الجنوبية التي تؤكد الحسام بأن فيها نساء فاعلات وناشطات في مجال إحلال السلام المجتمعي ويعملن بجد على مستويات عدة لحل نزاعات كانت شائكة لكن الإعلام لا يتطرق لهن ولم تتح لهن الفرصة بالظهور لأنهن يعملن بصمت وهدف واحد وهو حل نزاعات وإحلال سلام في مناطقهن. وحول بروز المرأة بشكل أكبر على الساحة تؤكد سمية أن المرأة ظهرت إيجابياً كما ظهرت سلبياً فترة الحرب، ومن الجوانب الإيجابية التي نرى المرأة عليها هي قيام مشاريع نسائية كثيرة في ظل الحرب منها (المخابز –الكوافير –الخياطة –الشجر-إلخ.). وكما أبرزت الحرب مساوئ فهي بالمقابل أبرزت قصص نجاح كثيرة بطلتها المرأة اليمنية.

المرأة مغيبة

في الوقت الذي تنطلق فيه نساء العالم العربي والعالم ككل نحو تحقيق أحلامهن ومشاركتهن الفعالة في بناء المجتمع كونهن قياديات ورائدات في مجال السياسية والاقتصاد وغيرها من المجالات، ما يزال دور المرأة اليمنية شبه مغيب خاصة بعد أحداث الحرب منذ أكثر من سبع سنوات ،حول هذا تقول الحسام ربما يعود ذلك لتأثير العادات والتقاليد التي تقيد حركة المرأة بالذات في مجل حل الصراعات والوساطة في اليمن ،والأهم هو تغييب كافة الأطراف السياسية لدور المرأة في هذا الجانب ،خاصة وأن اليمن تمر بمرحلة انشقاق الأطراف السياسية حول هذا تقول الحسام:”

“القوى السياسية منذ تأسيس الدستور اليمني وإلى الآن لم تحظى المرأة في صناعة القرار وهذه كارثة نحن نريدها في وزارة سيادية أعطوها السلطة لأنها ستكون قدر المسؤولية “.وتضيف أن المرأة قادرة على التواجد بقوة قائلة: “وصول المرأة لصنع القرار لمن أرادت” سواء في السياسية والتعليم الاقتصاد والحقوق في كل مجال”.

وعلى الرغم من الدعوات المحلية والأممية المستمرة إلى أهمية دور اليمنيات في التوصل إلى سلام جامع، خاصة دعوة المبعوث الأممي  السابق لليمن “مارتن غريفيث” الذي أكد في مؤتمر المرأة اليمنية “وسيطات السلام” الذي نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مارس عام2019، وجمع 100 امرأة يمنية تمثلن جميع مناحي المجتمع اليمني، وذلك لمناقشة دور المرأة اليمنية في صنع وبناء السلام في اليمن. إلا أن المرأة اليمنية ما نزال مغيبة في أماكن حساسة كالمفاوضات بين أطراف الصراع أو حتى على مستوى منحها حقها في المشاركة بصنع القرار في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وحسب رأي سمية الحسام فإنه حتى في التشكيلات الوزارية من النادر أن تجد حزب يمنح امرأة حقيبة وزارة وإن منحت فإنها تحصر في وزارتي “الشؤون الاجتماعية والعمل وحقوق الإنسان” التي رشحت لها سمية لكنها رفضتها لرغبتها بأن تكون بعيدة عن المجال السياسي في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد ولو كانت جاءت قبل الحرب حد قولها فإنها كانت ستقبل بها لكن بشرط أن يكون لها قرار وليس مجرد اسم.

معوقات

ترى الناشطة سمية الحسام أن هناك معوقات كثيرة تحرم المرأة من مشاركتها الفاعلة في مجال حل النزاع ونشر السلام المجتمعي، منها العادات والتقاليد التي تحظر على المرأة حضور مجالس الرجال لمناقشة القضايا التي تعنى بالوساطات وتكون وسيطة سلام، قلما نجد امرأة قوية تتحدى هذا العائق وتنخرط في المجال بقوة لإيمانها بقوة فكرتها وهي السلام لا سواه. كذلك الحرب وتبعاتها التي تجعل الكثير من الناشطات يتراجعن عن الخوض في مثل هذه المسائل خوفاً على أرواحهن. من ضمن المعوقات أيضاً التي تراها الحسام هي تشتت التكتلات والحركات النسوية حيث أن كل حركة أو منظمة تعمل بشكل منفرد وهو الأمر الذي يضعف صوتها، وتتمنى سمية أن تنضم كل هذه الحركات والتكتلات النسوية تحت مظلة واحدة تعمل بنفس الآلية والمنهج والتي تخلص إلى الدور الأكبر وهو فض النزاعات وإحلال السلام في أرجاء اليمن.

 قرار مجلس الأمن بخصوص المرأة

نص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، المتخذ بالإجماع في عام 2000، حول المرأة والسلام والأمن والذي حث هذا كلا من مجلس الأمن والأمين العام والدول الأعضاء وجميع الأطراف الأخرى لأخذ التدابير اللازمة في المسائل المتعلقة بمشاركة المرأة في عمليات صنع القرار والعمليات السلمية، والأخذ بدمج النوع الاجتماعي في التدريب وحفظ السلم. اعتبر هذا القرار عالمياً بمثابة نقطة فاصلة بالنسبة لتطور حقوق المرأة وقضايا الأمن والسلام إلا أن هذا القرار يظل حبر على ورق بحسب الدلائل والوقائع خاصة في اليمن

تقول سمية الحسام رأيها بهذا القرار:” هذا أكثر قرار اشتغلت عليه المنظمات النسوية، والحقوقية، والناشطات والمبادرات، وفي العام 2014-2015 أعديت شخصياً ورقى سياسات في هذا الجانب لكن دون جدوى”.

وتؤكد أن هذا القرار الأمم المتحدة نفسها غير قادرة على الدفع به وإلزام الأطراف السياسية بتبنيه خاصة في اليمن. وتضيف:” كنت متواجدة في مفاوضات ستوكهلم في أحد المجموعات الاستشارية ولم يكن هناك من أطراف الصراع نساء في المفاوضات سوى امرأة واحدة من طرف واحد وبالتالي هذا القرار لم ينفذ مطلقاً وكان المفترض بالأمم المتحدة أن تلزم كافة الأطراف بتنفيذ هذا القرار وإشراك المرأة في مفاوضات استوكهم واي مفاوضات يمنية حلو السلام.

كيف تعزز تواجدها؟

وحول سؤالنا لها عن الدور المطلوب من المرأة لتعزيز تواجدها في صناعة السلام تقول: “المطلوب من المرأة أن تستفيد في هذه المرحلة من نقاط القوة لديها من تدريب وتأهيل وثقافة ومعارف وخبرات وتستفيد بما يتناسب مع بيئتها” وتضيف: ” أنصح كل امرأة يمنية أن تنخرط في مجال إدارة النزاعات واحلال السلام حتى على المستوى البسيط على الأقل تبدأ في حل مشكلة بين أخوين متزاعلين لهم سنوات، في بيتها، في محل عملها، تحاول تكون صانعة سلام، تبادر وستصل فالجانب الإنساني من أعظم الجوانب التي تكون المرأة فيه قوية وتستطيع التأثير فيمن حولها إيجابيا. وتستطرد قائلة: “أكثر شيء ممكن أن تقوم به المرأة في مجال إحلال السلام أن يكون لها دور حقيقي في إدارة النزاعات، في المجتمع المحلي وتشتغل مباشرة مع المجتمعات المحلية بقوة إرادة”.

الدور المنشود من المكونات السياسية

ترى سمية أن المتوقع من المكونات السياسية جميعها شمالا وجنوباً وخاصة في ظل الحرب التي تعاني ويلاتها المرأة على وجه الخصوص هو دعم ومساندة المرأة كما تدعو كل النساء المنتميات لأحزاب وتكتلات معينة أن تشكل ضغطاً على الجهة التي تنتمي إليها لكي يكن لهن تواجد في المفاوضات، وهذا ما حصل مراراً لكن دون إبداء أي اهتمام من القيادات لهذا الصوت ، لذلك تطالب الحسام القيادات ككل بمساندة المرأة ومنحها فرصة بأن تكون شريكة فاعلة ومؤثرة في المفاوضات التي تجري بين طرفي الصراع منذ سنوات ولم تنتهي لحل.

مشاركات وطموحات

شاركت سمية الحسام في العديد من الندوات والمؤتمرات والورش المحلية والعربية وحازت على العديد من الشهادات والتكريمات، كما كان لها مشاركة فاعلة في مجال المسؤولية المجتمعية في برنامج “الملكة” عام2017 الذي يعد أحد مشاريع حملة المرأة العربية، وهو أول فورمات عربية لبرنامج مسابقات لخدمة المسؤولية الاجتماعية، وأطلق رسمياً عام 2014 في مونديال القاهرة للأعمال الفنية والإعلام، ويهدف البرنامج إلى إبراز نماذج مشرقة من العالم العربي.

تحضر الآن لرسالة الماجستير في القانون الجنائي بمجال تخصصها شريعة وقانون.

تجهز سمية لدليل خاص بالمرأة اليمنية في مجال النزاعات والوساطات ودور الوسيطات في إحلال السلام، كما تنوي إطلاق منصة إلكترونية متخصصة في مجال السلام.

مدربة في مجال السلام، ولديها العديد من أوراق عمل في الجانب الإنساني، مثل فتح مطار صنعاء الذي تتعاون مع زميلاتها الناشطات في التحالفات النسوية والمنظمات للحشد مجتمعيا من أجل فتح مطار صنعاء أمام المواطنين الذي سبب إغلاقه كارثة إنسانية على مختلف الأصعدة.

تُعد مع العديد من الناشطات والحركات النسوية على صياغة مشروع مبادرات لعمل حشد اقتصادي مع رجال الأعمال والاقتصاديين والمؤثرين لتوحيد العملة في اليمن وجعل إدارة البنك المركزي تحت قيادة واحدة بعيداً عن الصراع الدائر بين الأطراف السياسية.

تطمح سمية الحسام أن يكون لها دور ولو يسيراً بان تكون مساهمة فاعلة ومؤثرة في مجال السلام المجتمعي وأن يكون لها دور بارز في بناء الدولة التي يسودها القانون.

شعارها دائماً بأن السلام مسؤولية الجميع، وأن السلام برؤية امرأة هو أعمدة البيوت واطمئنان القلوب.

مقالات اخرى