رغم المشاركة الخجولة … نتائج فاعلة للمرأة اليمنية
سهير عبد الجبار – نسوان فويس
تؤثر النساء في قضايا النزاع الاجتماعية والأسرية على النطاق الأضيق كثيرا على قرارات الرجال. فللنساء أدوار ثانوية غير مباشرة في حلحلة النزاع أو زيادة فتيله وهن خلف الستار في جلسات المصالحة أو الصلح سواء إيجابيا بحلحلة النزاع أو سلبا باستمرار النزاع.
يمكن أن يكون للنساء حتى وإن لم يظهرن في صورة الجلسات دور إيجابي في تهدئة الأمور وإضفاء حالة من الاستقرار وعدم التسرع لدى الرجال، والتي قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات تكون أقل حدة أو تزيل فتيل النزاع.
بالقرار رقم 1325، بدأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إدراك أهمية دور النساء في حل ومنع النزاعات، ومنذ بداية الصراع عام 2014، كانللنساء اليمنيات دور مركزي مفاوضاتٍ ووسيطاتٍ، سواء أكان ذلك بالإفراج عن ضحايا الاختفاء القسري أم فتح ممرات إنسانية آمنة أم مكافحة تجنيد الأطفال.
يرى المبعوث الأممي الجديد في اليمن هانس غروندبرغ (ضمن رأية في ورقة سياسية من مركز صنعاء لدراسات والأبحاث _فاطمة مطهر) أن عملية السلام فشلت حتى الآن في شمل النساء بطريقة فعّالة، رغم أن سلفه، مارتن غريفيث، غالبًا ما تحدث عن قدرة النساء على الإسهام في السلام.
رأي المجتمع المحلي في دور المرأة
اما عن رأي الناشطين المحليين يقول الناشط الحقوقي والإنساني خليل المقالح والذي قد حضر عددا من جلسات الصلح قادتها نساء عندما سألناه عن دور المرأة، من خلال عملك بالمجال الإنساني وقضايا النزاع هل كان للمرأة دور في حل بعض القضايا العالقة قال:”نعم كان للمرأة دور مهم مباشر وغالبا غير مباشر في تهدئة بعض النزاعات، وهذه التهدئة كانت تُسهم في حلها، الدور المباشر كان أقل”.
ويشير الى أن بعض النساء تتمتع بمهارات حوار عفوية ساعدت بذلك، كما أن قدرتها أيضا على التفاوض له دور حيوي في نجاح مهامها، كما أن هناك أسباب تتعلق بتقبل المجتمع للدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة، فبعض الأسر استطاعت النساء فيها انتزاع ثقة الرجل داخل اسرتها والعمل على دعمها للعب دور قيادي، وبعضها يكون أفراد أسرتها قياديين وأعيانا، وهذا يسهل قيامها بأي دور أو مبادرة لحل أي نزاع، ولكن بعض النساء ليست من أسر قيادية، لكنهن استطعن فرض احترام النساء، وتقبل آرائها، ومنحهن الثقة، وهذا سهل التقبل والقبول لها. و الأدوار غير المباشرة كأن تقوم المرأة بالتأثير في النساء الأخريات لكي يقمن بالتأثير على الرجال لإقناعهم بتسوية معينة؛ إذ تستخدم مهارات إقناعية وحوارية وتفاوضية لتسويق حلول معينة أو تهدئة”.
يضيف خليل المقالح:”من خلال عملي شاهدت النموذجين الأول امرأة قيادية اندلعت بقريتها بنِهْم مواجهات قوية في عام 2017_2018 أدت للانقسام داخل منطقتها مع أطراف الصراع، وكانت كل مجموعة مع طرف، وهذا عقّد الأمور وأصبح الصراع مستداما، وأخذ طابعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وقد استطاعت هذه المرأة إيواء أطفال القرية النازحين”.
ويشير في أثناء تلك الفترة، كانت تتواصل مع الأطراف المختلفة لإيقاف الصراع وتحييد المنطقة عنها وعودة الجميع لممارسة حياتهم والزراعة والرعي، وكان وجود الأطفال لديها مهم للتعجيل بهذا الأمر، واستطاعت بواسطة منظمة إنسانية احتضان وإيواء أولئك الأطفال لأشهر طويلة، وأيضا قادت عملية إعادة الاطفال ولمّ شملهم بأسرهم، وقد كان ذلك سببا لرجوع الأسر التي نزحت لمناطق الطرف الآخر، وهكذا نجحت في إعادة واحد وعشرين طفًل بتعاون مع منظمةحماية الطفل ، بعد عودة الأسر وأصبحت منطقتهم محايدة عن الحرب، والصراع وكان ذلك أول تبادل إنساني قادته الحاجّة فاطمه بتلك المنطقة، وكان دورها أفضل الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
النموذج الثاني غير المباشر كان في خلاف بين أسرتين من قبيلة على قطعة أرض استطاعت إحدى النساء من أداء دور مهم للتهدئة وتسهيل حل الخلاف.
لحظة تبادل الأسرى بأكبر صفقة تمت لعملية التبادل
أكبر صفقة تبادل
في أكبر صفقة وصفت لتبادل أسرى بين طرفي الصراع (قوات الشرعية وحكومة صنعاء)،عملت المحامية والناشطة الحقوقية مَعينالعبيدي، جانب إنساني بهذا الملف ودور غير مباشر، تقول: “لم أكن أتدخل بالمفاوضات والجلسات المباشرة، بل عملت مع طرف من الأطراف لأن لدي معرفة سابقة بهم قبل أن يصبحوا طرفا في السلطة المسؤولة عن المنطقة. حاولت بكل جهدي أن أسعى للوساطة، فإلى متى سوف يستمر المعتقلون قابعين بالسجون والحرب مازالت مطولة؟!
حرصت على أن أستمر بإقناع طرف من الأطراف التي كانت تثق برأيي ولا تسمع لباقي الوسطاء بعدم حضوري. حصلت عدّة من المعوقات وتدخلات كادت تعيق العملية وتصعب الموقف أكثر فأكثر. كان هدفنا منذ البداية إطلاق سراح الجميع من الجهتين، عملنا على جمع الكشوفات والبحث عن المفقودين، وهناك من قد مات أو اختفى أثره، ومن ضمن المعوقات وجود ملفات أسرى صعبة ويُساوَم بها مقابل اثنين أو ثلاثة، وبعضهن كان يوقف العملية بمجملها. في النهاية أُفرج عن ٢٢٥أسيرا من الطرفين، استمرت المباحثات حوالي سنة ونصف”، وتضيف الأستاذة معين :”نجاح العملية يدفعني إلى الاستمرار وأتوجه حول مباحثات فتح الطريق وإلغاء الحصار على مدينة تعز”.
مبادرات شبابية
لا تعمل الأستاذة معين العبيدي وحدها على قضية فتح الطريق، بل أن هناك عددا من الفتيات ضمن مبادرات شبابية، من الجنسين جمعتهم المعاناة. يأتي أهمية مساندتهن لبعضهن أمار مهما جدا لنجاحها بشكل مباشر أو غير مباشر لتحقيق السلام؛ لأن اجتماع النساء على مبادرات تنموية خيرة لمجتمعاتها المحلية، حتى لو كانت من مناطق مختلفة فيه أطراف متصارعة ستتمكن النساء من تغيير فكر الرجال عن الصراع، وهذا يمهد للسلام، لكن لابد أن يرتبط تجمع النساء على خدمات أي مبادرات مجتمعية تخدم المجتمعات المحلية. وهذا بالتأكيد سيربط الفائدة بالسلام، ويجعل أي طرح أو دور تقوم به المرأة تجاه السلام ذا تأثير وواقعي لأنه يقدم المرأة بشكل أكثر فاعلية وربطها باستمرار الحياة.
تقول مها عون عضوة في عدد من المبادرات المحلية:”لدينا مبادرة شبابية حول قضايا فتح الطريق وفك الحصار عن مدينة تعز، كل فرد لديه قصة ومعاناة يسردها حول هذه القضية، قصة مرسيليا صديقتي وقصتي أيضا وجود أهلي في منطقة بينما اجتاز الطريق بشكل يومي معرضة نفسي لخطر وصعوبة الطريق وخطوط النار. لا ننسى أيضا قصة عبير بدر التي ليقت حتفها بسبب الحصار والوضع الذي تعيشه المدينة. لدينا القدرة على توصيل أصواتنا وآرائنا إلى المجتمع الدولي والمحلي عبر مواقع التواصل وحسابتنا التي يتابعها كثير من الناس، على شكل قصص نسردها وفيديوهات ومنشورات بشكل مكثف. من أجل هذه القضية التي أثرت على الناس المقيمين بالمدينة وكذلك على الذي يعيشون خارجها.
قصص قليلة ونادرة
تقول هالة النعمان، باحثة في الجندر ومسؤولة مجتمع مدني عن الدور الذي كان للمرأة في قضايا النزاع في اليمن: “لا يوجد دور واضح لعبته النساء في قضايا النزاع أو دور مباشر، هناك قصص قليلة ونادرة عادة تكون لبنات المشايخ المتخصصات بحل الخلافات النسائية”.
تسعى كثير من المنظمات الدولية لبناء قدرات مجاميع نسائية ليتمكن من قيادة أو المشاركة في عمليات المفاوضات، ولكن لم تثمر هذه الجهود إلى شيء ملموس. إذإن كل محاولات المفاوضات التي تمت لم يكن للنساء دور فيها ولو صوريا ومن جميع الأطراف. وهذا يثير كثيرا من اللغط بخصوص دور النساء في عمليات المفاوضات لأنهن المتأثرات من النزاع. يأتي أهمية دور الوسيطات من نبوعهن من نابع هدف أنساني لأنّهن متأثرات بقضايا النزاع. أما في الوقت الحالي هناك عدد من المبادرات التي تركز أن يكون للعضو جانب مهم فيها، نحن لن نصل الى السلام إلا عندما يعترف جميع الأطراف بأهميته ويسعون إلى تحقيقه.
(تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية)