المرأة اليمنية بعد ست سنوات من الحرب .. كيف تعيش ؟

شارك المقال

 

منذ بدء الحرب في اليمن عام ٢٠١٥ و إندلاع المواجهات في مختلف جبهات القتال وعلى جميع الأصعدة ، تدهورت الحياة الإنسانية و تراجعت حقوق الكثير من الأفراد و فئات المجتمع ، نالت فيها المرأة اليمنية نصيبها من قسوة الحرب و آثاره التي لا زالت تدمر أشكال الحياة في الوطن ، و أضافت إليها معاناة فوق معاناتها السابقة ، لتزيد همومها و أوجاعها .

كانت المرأة اليمنية تعاني من عدة قضايا شائكة تبحث عن حلول في أروقة مؤتمر الحوار الوطني لكن الحرب أوقفت تقدم هذه الحلول وعلقت مسألتها إلى أجلٍ غير معلوم ، و لم تكتف بذلك بل دفعت بها للوراء ، حيث صارت ضحية سهلة للحرب و برزت للسطح كثير من المشكلات المتعلقة بسلامتها و أمنها و تنميتها ، يؤكد ذلك البحث الذي أعده معهد المرأة والسلام و الأمن بجامعة جورج تاون لعام ٢٠١٩ و الذي  شمل ١٦٧ دولة حصلت فيه اليمن على مرتبة أسوء دولة لحياة المرأة !

نتج عن الحرب الفقر و الجوع والذي أدى إلى تفاقم عدد من المشكلات مثل العنف ضد المرأة ، تسرب الفتيات أو حرمانهن من التعليم ، إنتشار زواج القاصرات ، و غيرها من المشكلات التي تؤثر سلباً على المرأة و بالتالي تؤثر على المجتمع .

( توقف الجهات الداعمة للمرأة عن العمل والتوعية )

المحامية و الناشطة الحقوقية هدى الصراري تتحدث حول غياب دور المؤسسات في دعم المرأة اليمنية :  “بعد 6 سنوات من الحرب تراجعت بشكل كبير حقوق النساء التي اكتسبتها ماقبل سنوات الحرب ، و على جميع الاصعدة السبب في ذلك يعود إلى توقف آليات الدعم والحماية التي كانت تقدم من المؤسسات الرسمية أو المدنية المهتمة بشؤون المرأة على وجه الخصوص ، كاللجنة الوطنية للمرأة ، قطاعات المرأة في المؤسسات الحكومية ، توقف برامج الحماية القانونية والتمكين الاقتصادي ورفع الوعي الحقوقي بمكانة المرأة ودورها الفاعل ، أيضاً توقف الدعم للمشاريع الخاصة بالمرأة كذلك وتعطيل القوانين المعمول بها نتيجة حالة الضعف والركود الذي صاحب أجهزة إنفاذ القانون كأثر من آثار النزاع المسلح في اليمن وتشرذم مؤسسات إنفاذ القانون و انشغالها بأمور لها علاقة بالحرب أو التردي الاقتصادي الحاصل “

( عنف ضد المرأة  )

أفرزت الحرب العديد من أشكال العنف الممارس ضد المرأة ، حيث صرح صندوق الأمم المتحدة للسكان في ٢٠١٩  بإزدياد العنف ضد المرأة بنسبة ٦٣% منذ تصاعد النزاع .
و في تقرير عن اليمن نشرته هيومن رايتس ووتش عام ٢٠٢٠ بأن فريق خبراء الأمم المتحدة للمرأة أفاد بمزاعم عديدة بالإغتصاب .
و وفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن أفاد بإزدياد العنف ضد النساء خلال أزمة كورونا ، و أن النساء يتعرضن لتمييز شديد في القانون و الممارسة.

تقول الصراري : ” لوحظ خلال فترة الحرب تصاعد وتيرة العنف الموجه ضد النساء بكافة أشكالة كالقتل والاعتداءات الجسمانية وحالات الإغتصاب للفتيات والتسرب من التعليم والزواج القسري نتيجة إغلاق المدارس خاصة في المناطق الريفية والمتضررة بفعل النزاع المسلح والمناطق التي أجبر ساكنيها على النزوح أو التهجير القسري ، ونتيجة إفتقار مخيمات النزوح للحماية والدعم اللازمين من قبل المنظمات الدولية وغياب الدور الحكومي تفشت حالات العنف والزواج القسري للطفلات وتوجة أولياء الأمور نحو تزويج فتياتهم خوفاً من التحرشات الجنسية والإغتصاب والإعتداءات ، كذلك نتيجة الفقر -العامل الرئيس- وتدهور الوضع المعيشي و الإقتصادي وتوقف رواتب عمال وموظفي الدولة كل هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في بروز انتهاكات ربما لم تكن ظاهرة بهذا الشكل لولا الحرب .
إفتقار اليمن لقانون يناهض العنف ضد النساء والفتيات ويجرم المنتهكين وينص فيه على عقوبات رادعة خاصة لمن كانوا مكلفين برعاية المرأة أو الفتاة كالزوج أو الأب أو الأخ أو أحد أفراد العائلة ، وإعطاء الحجج القانونية والتكييف الخاطىء للجرائم والانتهاكات ساعد في ممارسة الانتهاكات والجرائم ضد المرأة “

( دور المرأة في السلام )

تعلق الصراري حول هذا الجانب : ” بما أن المرأة كانت شريك أساسي و داعم للأعمال الإغاثية و الإنسانية و الحقوقية منذ الحرب لليوم و بذلت كل الجهود التي أثبتت من خلالها جدارتها في تولي صنع القرار و إدارة عملية السلام المجتمعي و التخفيف من آثار النزاع ، بل وتعتبر هي الصوت الداعِ للسلام في اليمن ، كون شكل إتفاق كل المكونات النسوية من كافة المشارب الحزبية والسياسية والمجتمعية والنخبة على إيقاف الحرب والبدأ في عملية السلام والمطالبة بتمثيل المرأة في الحكومة ومواقع صنع القرار ، إلا أن التوقعات للأسف كانت مخيبة للآمال بفعل الإقصاء والتهميش المتعمد من قبل الأحزاب والمكونات السياسية وتضاءل الإرادة السياسية العليا للدولة بفرض تواجد النساء على الساحة السياسية في جميع سلطات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية تكملةً للجهود المبذولة وتتويجا للعمل المتواصل لمكونات المرأة في اليمن ، لكننا اليوم نواجة إجحاف وتخاذل نتيجته هذا التراجع المفزع في حقوق النساء المكتسبة سابقاً وتناثرها بفعل الحرب و توقف عجلتها حالياً بفعل التجاهل من قبل الدولة والنتيجة الطبيعية هي إرتفاع مؤشر العنف ضد النساء و الفتيات و فقدان و ضعف آليات الحماية المؤسسية والمدنية في اليمن “

( زواج الصغيرات )

في بيان و إحصاء صادر عن اليونسيف بلغ معدل زواج القاصرات في ٢٠١٩ نحو ٢١%  ، أي سنوياً يتم تزويج ١٢ مليون فتاة تحت سن ١٨
و حذرت في بيانها من أن أكثر من ١٥٠ مليون فتاة أخرى سيتم تزويجهن قبل بلوغ سن ١٨ بحلول عام ٢٠٣٠ اذا لم يتم معالجة القضية .

أحمد القرشي رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة يشرح أسباب أزدياد معدلات زواج القاصرات قائلاً : ” نعتقد بأن تزويج الصغيرات في اليمن إزداد مثله مثل باقي الإنتهاكات و جرائم الإستغلال و العنف و الإهمال  و سوء المعاملة التي إزدادت بشكل كبير جداً خلال السنوات الست الماضية من الحرب الغير المسبوقة التي شهدتها ولازالت تشهدها اليمن .
هذه إشكالية كبيرة ربما كان ازدياد معدلات النزوح و الذين يقدر عدد الأطفال النازحين وخاصة الفتيات الغالبية العظمى ، وأيضاً إرتفاع معدلات الفقر و البطالة و تأخر دفع رواتب و مستحقات موظفي الدولة و حرمان الكثير من الأسر اليمنية لمصادر الدخل أدى لقبول الكثير من العائلات التجاوزات التي تتعلق في حقوق الطفل من باب البحث عن سبل تحسين المعيشة أو التخلص من بعض الحمولات الإقتصادية من خلال تزويج الصغيرات أو الدفع بالأطفال الذكور نحو سوق العمل مبكراً و بشكل غير مسبوق ! “

( أضرار تزوج الصغيرات )

” هذه إشكاليات كبيرة تواجه المجتمع اليمني ليس على مستوى الحاضر لكن أيضا على مستوى المستقبل و إذا لم يتم تدارك مثل هذه الإنتهاكات من خلال برامج و أيضا من خلال معالجات قادرة على أن تعيد الأطفال للمدارس  وتحد من معدلات العنف و الإهمال و الإستغلال و سوء المعاملة ضد الأطفال و هم الشريحة الأضعف في المجتمع فإنا سنشهد وضعاً أكثر سوءاً في المستقبل لأن تزويج الصغيرات يؤدي إلى حرمانهن من التعليم و الكثير من الحقوق و تحملهن مسؤولية مبكرة غير قادرات عليها بالتالي سيؤدي في المستقبل إلى إيجاد جيل غير مستقر غير قادر على التمتع بحقوقه الأساسية “

ست سنوات من الحرب المستمرة و لا زالت الآمال تتجه نحو الأفق بأن تضع الحرب أوزارها قريباً و أن تتحسن أوضاع معيشة المرأة اليمنية لتسهم في حمل غصن الزيتون و إرساء راية السلام في ربوع الوطن .


مقالات اخرى