رائحة الأطعمة الدسمة أثناء الحمل قد تزيد خطر السمنة عند الأطفال

شارك المقال

أظهرت دراسة ألمانية حديثة أن رائحة لحم البيكون – وهو اسم شائع لمنتج لحمي مُعالج يتميز بطعمه المالح أو المُتبّل والمدخّن- في نظام غذائي منخفض الدسم لدى الفئران الحوامل كانت كافية لجعل صغارها يكتسبون وزنًا إضافيًا لاحقًا. وتشير الدراسة إلى أن رائحة الأطعمة الدسمة أثناء الحمل يمكن أن تهيئ الجسم لمخاطر السمنة مدى الحياة.
يعلم العلماء أن أبناء الأمهات المصابات بالسمنة يواجهون احتمالات أعلى للإصابة بالسمنة والأمراض المزمنة كبالغين.
أما البحث الجديد على الفئران فيسأل عما إذا كان النظام الغذائي ذا النكهة الدسمة حتى لدى الأمهات النحيلات يمكن أن يوجه صغارهن نحو السمنة لاحقًا.

الرائحة تصل إلى الرحم

يمكن لرائحة الأطعمة الدسمة أن تدخل السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين في الرحم. وقد وجدت تجارب غذائية سابقة أن الأطفال يقبلون النكهات المألوفة بسهولة بعد أشهر من الولادة.
قاد هذا العمل سوبيا م. ستكولوروم، عالمة الأعصاب في معهد ماكس بلانك لأبحاث الأيض في كولونيا بألمانيا.
يركز بحثها على كيفية برمجة التجارب الحسية المبكرة للدارات العصبية التي تتحكم في الشهية والأيض.

الإشارات الحسية في الطعام

تلعب الرائحة دورًا كبيرًا في تحديد ما يأكله الإنسان وكمية الطعام، غالبًا أكثر من الطعم أو المظهر.
ركز الفريق في الدراسة على الرائحة أثناء الحمل ليفصل بين السعرات الحرارية في النظام الغذائي للأم والإشارات الحسية التي تصل للجنين.
في الدراسة الجديدة، تناولت الفئران الحوامل طعامًا منخفض الدسم مطعّمًا برائحة البيكون.
كان للطعام المطعّم نفس السعرات والقيم الغذائية للطعام العادي، وبقيت الأمهات نحيلات مع مستويات طبيعية للسكر والهرمونات والدهون في الجسم.

استجابة الإنسولين والدوبامين

عندما بلغ الصغار مرحلة البلوغ وتناولوا نظامًا عالي الدسم، اكتسبوا وزنًا أكبر من الفئران الأخرى التي وُلدت من أمّهات لم تُعطَ رائحة.
كما كان لديهم نسبة أعلى من الدهون في الجسم ومقاومة للإنسولين، وهي علامة تحذيرية لمرض السكري من النوع الثاني.
أظهرت فحوص الدماغ تسجيلات عصبية مختلفة في الصغار، حيث استجابت دوائر الدوبامين، الكيمياء العصبية المسؤولة عن المكافأة والتحفيز، بقوة أكبر للمؤشرات عالية الدسم وأقل للطعام العادي، مشابهة لما يُرى في الفئران المصابة بالسمنة.

تفعيل خلايا الجوع

أصبحت خلايا AgRP، الموجودة في منطقة الوطاء في الدماغ والمسؤولة عن الجوع، أقل حساسية للدهون الغذائية.
هذه التغيرات العصبية مجتمعة جعلت دماغ الصغار النحيل يشبه الدماغ الناتج عن السمنة طويلة المدى.
لاحظ الباحثون أن الفئران الصغيرة لم تأكل أكثر من الفئران الأخرى عند تقديم الطعام عالي الدسم فقط.
وكان اكتساب الوزن الإضافي نتيجة للطريقة التي تعاملت بها أجسامهم مع السعرات الحرارية، لا من حجم الوجبات.

البرمجة المبكرة للدماغ

يشير الباحثون إلى مفهوم “البرمجة الأيضية”، أي الإشارات المبكرة في الحياة التي تحدد كيفية تعامل الأعضاء مع الطعام والضغط النفسي.
تفاعلت الروائح الشبيهة بالدهون مع السعرات العادية كإشارة تدريبية تهيئ الجسم للطعام الغني لاحقًا.
لاحظ الفريق ضعف استجابة الدهون البنية، وهي الدهون المسؤولة عن إنتاج الحرارة وحرق الطاقة، لدى الحيوانات عند شمّ الطعام الدسم وتناوله.
بدلاً من زيادة إنتاج الحرارة لحرق السعرات الإضافية، حافظت أجسامهم على الطاقة، ما يفسر زيادة الوزن.

تأثير على الفئران الإناث

الأمر المهم أن الحيوانات التي شمّت النظام الغذائي الدسم فقط دون أكله لم تظهر عليها زيادة الوزن نفسها.
كما بقيت الفئران حديثة الولادة، التي فُعلت دوائر الشم لديها بالضوء، طبيعية أيضيًا إذا لم يقترن التحفيز بالوجبات الغنية بالسعرات.
أدى التعرض المبكر لرائحة الأسيتوفينون – مركب مستخدم كنكهة غذائية – إلى زيادة الوزن لدى الفئران الإناث عند تناولها نظامًا عالي الدسم بنفس الرائحة.
يُدرج الأسيتوفينون في قائمة “المواد المضافة للطعام” التابعة للـ FDA كمادة نكهة أو مساعد.

الدلالات على البشر

يعاني الأطفال المولودون لأمهات مصابات بالسمنة من مخاطر أعلى للإصابة بالسمنة والأمراض المزمنة، كما أكدت مراجعة حديثة.
يضيف هذا البحث على الفئران أن خصائص الطعام الحسية، وليس السعرات فقط، قد تسهم في المخاطر.

قالت ستكولوروم: “إن نقل النكهات من الأم للطفل يعني أن الأطعمة المصنعة الحديثة يمكن أن ترسل إشارات رائحة ومضافات معقدة إلى الرحم والحليب.”
تأتي النتائج من دراسة على الفئران، لذا لا يمكن التنبؤ بتأثيراتها الدقيقة على البشر أو استبدال النصائح الطبية للحوامل، ومع ذلك، تسلط الضوء على أهمية البيئة الحسية المبكرة في تشكيل البيولوجيا، ولماذا قد تحتاج الدراسات المستقبلية لمتابعة الروائح الغذائية أثناء الحمل.

الدراسة منشورة في مجلة Nature Metabolism.

مقالات اخرى