تصيب نزلات البرد الشائعة، المعروفة أيضًا باسم عدوى الجهاز التنفسي العلوي الفيروسية، الكثيرين، حيث يمر بها الشخص عادةً ثلاث مرات في السنة، وتستمر في المتوسط تسعة أيام. ومن الثابت أن نزلات البرد لا تستجيب للمضادات الحيوية.
ومع ذلك، أظهرت الأبحاث في السنوات الأخيرة فعالية ممارسة قديمة تتمثل في غسل الأنف بالمحلول الملحي في مكافحة نزلات البرد الشائعة لدى البالغين والأطفال.
غسل الأنف بالمحلول الملحي يقلل مدة المرض بمعدل يصل إلى أربعة أيام ويخفّض استخدام أدوية الحساسية بشكل كبير
فوائد تتجاوز التعافي الشخصي
غسل الأنف بالمحلول الملحي هو عملية يُغمر فيها تجويف الأنف بمحلول ملحي، وفي بعض الدراسات، يُستخدم بخاخ يعمل بالمضخة. ويُعد هذا العلاج بديلاً رخيصًا وفعالًا ومبنيًا على الأدلة، وهو زهيد التكلفة ولا يتطلب وصفة طبية.
إن دور غسل الأنف بالمحلول الملحي لا يقتصر على تقليل مدة المرض فحسب، بل يقلل أيضًا من انتقال الفيروس إلى الآخرين. كما أنه يقلل الحاجة إلى المضادات الحيوية وقد يقلل أيضًا من خطر دخول المريض إلى المستشفى.
بالإضافة إلى فيروسات الجهاز التنفسي العلوي، يساعد الغسل الملحي أيضًا في علاج الحساسية، والاحتقان المزمن، والتنقيط الأنفي الخلفي، والتهابات الجيوب الأنفية المتكررة.
كيف يعمل المحلول الملحي؟
للمحلول الملحي الأنفي ثلاث فوائد رئيسية:
إزالة الفضلات: يعمل الغسل الملحي على إزالة الفضلات من الممرات الأنفية، بما في ذلك المخاط والقشور، وكذلك الفيروس نفسه، ومسببات الحساسية، والملوثات البيئية الأخرى.
خلق بيئة غير مواتية: يتميز الماء المالح بدرجة حموضة أقل قليلًا مقارنةً بالمياه العذبة، وتُهيئ هذه الحموضة بيئةً غير مواتية للفيروسات، مما يصعّب تكاثرها.
استعادة وظيفة الدفاع الطبيعي: يساعد محلول الأنف الملحي على استعادة وظائف جزء من جهازنا الدفاعي الطبيعي، والذي يتكون من نتوءات مجهرية تشبه الشعيرات تُسمى الأهداب. تُبطن هذه الأهداب سطح الممر الأنفي وتعمل كسلم كهربائي، دافعةً الفيروسات والأجسام الغريبة الأخرى إلى خارج الجسم، ويساعد غسل الأنف بالمحلول الملحي على الحفاظ على فعالية هذا الجهاز.
البحث يؤكد الفعالية
أظهرت دراسةٌ واسعة النطاق أُجريت على أكثر من 11,000 شخص، ونُشرت في مجلة “ذا لانسيت” عام 2024، أن غسل الأنف بمحلول ملحي – عند بدء ظهور أول أعراض المرض وحتى ست مرات يوميًا – يُقلل مدة المرض المصحوب بأعراض بحوالي يومين. وقد أفادت دراسات أصغر حجمًا أن مدة المرض المخفضة قد تصل إلى أربعة أيام.
كما أظهرت الأبحاث أن الغسل الملحي يمكن أن يساعد في منع انتشار المرض. وفي دراسة أُجريت على مرضى في المستشفيات، أدى غسل الأنف بمحلول ملحي كل أربع ساعات على مدار 16 ساعة إلى انخفاض الحمل الفيروسي لكورونا بنسبة 8.9%، في حين استمر الحمل الفيروسي في الارتفاع في المجموعة الضابطة خلال تلك الفترة.
كما تتجاوز فوائد المحلول الملحي الأمراض المُعدية؛ فقد أظهر تحليل تلوي لعشر تجارب عشوائية مُحكمة، عند إجرائه بانتظام من قِبَل مرضى التهاب الأنف التحسسي (المعروف أيضًا باسم حمى القش)، أن غسل الأنف بالمحلول الملحي يُقلل استخدام أدوية الحساسية بنسبة 62%. كما أنه فعال في علاج الاحتقان المزمن، والتنقيط الأنفي الخلفي، والتهابات الجيوب الأنفية المتكررة.
يمكن تشبيه غسل الأنف بالمحلول الملحي بعملية “كنس وتنظيف” للممرات الأنفية. فكما أن تنظيف أرضية المنزل يزيل الغبار والجراثيم ويساعد أجهزة التهوية على العمل بفعالية أكبر، فإن المحلول الملحي يزيل الفيروسات والملوثات، مما يسمح للأهداب (أجهزة التنظيف الطبيعية في الجسم) باستعادة وظيفتها الدفاعية بالكامل.
مكافحة مقاومة المضادات الحيوية
إحدى الفوائد الأكثر قيمة لغسل الأنف بالمحلول الملحي هي أنه يساعد في تقليل وصفات المضادات الحيوية غير الضرورية، التي تساهم بشكل كبير في مقاومة المضادات الحيوية. من الثابت أن المضادات الحيوية لا تُقصر مدة التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية أو تُخفف شدتها.
وفي حين يشعر بعض مرضى التهابات الجهاز التنفسي العلوي الفيروسية بالتحسن في البداية عند استخدام المضادات الحيوية لخصائصها المضادة للالتهابات، يمكن تحقيق هذه الفائدة بشكل أفضل باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات التي يمكن تناولها بالتزامن مع غسل الأنف بالمحلول الملحي.
بشكل عام، يعد غسل الأنف بالمحلول الملحي بديلًا فعالًا من شأنه أن يقصر مدة المرض، ويمنع انتشاره، ويقلل الحاجة إلى المضادات الحيوية غير الضرورية، ويبقي الناس خارج المستشفى.
كيفية استخدام المحلول الملحي:
أثبتت الدراسات أن غسل الممرات الأنفية بمجرد الشعور بأولى علامات المرض يقلل من مدة وشدة نزلات البرد.
- التحضير: يمكن شراء ماء مالح جاهز تجاريًا أو صنع محلول منزلي بخلط تقريبًا نصف ملعقة صغيرة من الملح غير المعالج باليود مع كوب من الماء.
- سلامة الماء: من المهم للسلامة أن يكون الماء إما مقطرًا أو مغليًا لمدة خمس دقائق على الأقل ثم يُبرَّد للقضاء على أي بكتيريا ضارة.
- إضافات لتحسين التجربة: يمكن إضافة رشة من صودا الخبز لتخفيف أي لسعة محتملة. كما يمكن شراء محاليل المياه المالحة تجاريًا أو استخدام مياه البحر الطبيعية، التي قد تقدم فوائد أكبر لاحتوائها على معادن إضافية مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم.
المصدر: موقع katie media

