متابعات – نسوان فويس
يُحتفل باليوم الدولي للمرأة الريفية في الخامس عشر من أكتوبر من كل عام، وقد أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007، بهدف الاعتراف بدور المرأة الريفية في تعزيز التنمية الزراعية والأمن الغذائي ومحاربة الفقر، خاصة في المجتمعات الهشة، ورفع الوعي الدولي والمحلي بقضايا المرأة الريفية ذاتها المتعلقة بالفقر، قلة الوصول إلى الخدمات، التمييز، زواج الطفلات، الحماية والقوانين، إلى جانب الدفع بأجندات التنمية الريفية لضمان احتياجات الريفيات، وتمكينهن من الحصول على الدعم الفني والمالي، والمشاركة في برامج الزراعة، الإغاثة، الصحة، التعليم، إضافة إلى التشجيع على تبنّي استراتيجيات مستدامة تُحسّن من جودة حياتهن وتخفّف من عبء التمييز أو الظلم الاجتماعي.
بمعنى أن هذا اليوم جاء ليضع المرأة الريفية في صدارة النقاشات التنموية بعد عقود من التهميش.
تشير بيانات البنك الدولي أن الفتيات في المدارس الريفية لا يتجاوز وجودهن 33% مقابل حوالي 73% للبنين، و78% للفتيات في المناطق الحضرية، في حين أن نسبة المشاركة الاقتصادية لهن -بحسب البوابة العربية للتنمية- لا تتجاوز 6% مقارنة بـ 16%في المدن. كونهن يعملن في قطاعات غير مدفوعة الأجر ضمن الاقتصاد المنزلي أو الزراعي التقليدي، دون أي ضمانات أو دعم مؤسسي
البيت المرة والحبة الذرة
وفقًا لتقرير البنك الدولي للعام 2024، يعيش أكثر من 80% من سكان الريف عالميا تحت خط الفقر. في اليمن بلغت نسبتهم أكثر من 75% .
فيما تشكل النساء الريفيات النسبة الأكبر من العمالة غير الرسمية التي لا تتمتع بأي حماية اجتماعية، بالنظر إلى أن 54% من النساء في الريف اليمني أميات، إذ تشير بيانات البنك الدولي أن الفتيات في المدارس الريفية لا يتجاوز وجودهن 33% مقابل حوالي 73% للبنين، و78% للفتيات في المناطق الحضرية، في حين أن نسبة المشاركة الاقتصادية لهن -بحسب البوابة العربية للتنمية- لا تتجاوز 6% مقارنة بـ 16%في المدن. كونهن يعملن في قطاعات غير مدفوعة الأجر ضمن الاقتصاد المنزلي أو الزراعي التقليدي، دون أي ضمانات أو دعم مؤسسي، بحسب منظمة العمل الدولية.
وعلى الرغم من كل هذه الإحصائيات الصادمة، إلا أن الخيال الشعبي اليمني، يكتنز كثير من الأمثال والحكم التي تعكس دور المرأة المحوري في إدارة الحياة – على شظفها- في بلد يواجه عديد من التحديات المركبة، أبرزها الفقر، وانعدام فرص التعليم، وضعف الوصول إلى الخدمات الصحية، إضافة إلى تدهور البنية التحتية في المناطق الريفية، من هذه المقولات المتداولة:” البيت المرة” وهي مقولة مرتبطة في الذهنية اليمنية بكفاءة المرأة، وقدرتها وكفاءتها على إدارة معيشة الأسر من أبسط المقومات.

يمكن الاستفادة من تجارب بعض البلدان والعمل عليها، مثل تجربة المغرب التي سعت إلى تمكين النساء الريفيات عبر إنشاء التعاونيات الزراعية التي كان لها دور بارز في دعم ومساعدة المرأة الريفية، إضافة للتجربة النيبالية، المتمثلة في برامج التمويل الصغير للنساء الريفيات، وتجربة مؤسسات القروض الصغيرة في بنجلادش، هذه التجارب توفر فرص التمويل الصغير والتدريب المهني، إلى جانب تحسين فرص التعليم، وبالتالي مضاعفة إنتاجية النساء في الريف
الهجرة كعبء إضافي على المرأة
مع استمرار الحرب، ازدادت وتيرة هجرة الرجال من القرى إلى المدن أو خارج البلاد بحثًا عن فرص العمل، مما ألقى بعبء إضافي على النساء في الريف على وجه الخصوص، التي تحولن لمعيل ورب بيت أساسي للأسرة، تضطلع بالأدوار الاقتصادية والاجتماعية معًا، وهو ما أكدته تقارير الأمم المتحدة التي أشارت إلى أن 30٪ من الأسر في الريف اليمني تُعيلها نساء، وهي نسبة في تزايد مستمر منذ عام 2015.
هذا التحول في الأدوار فرض واقعًا جديدًا على النساء الريفيات، حيث يدرن الأراضي الزراعية، ويقمن بمهام الزراعة والحصاد ورعاية الماشية، إلى جانب رعاية الأطفال وكبار السن، ما أدى إلى تآكل قدرتهن الجسدية والنفسية في ظل انعدام الدعم الاجتماعي و المؤسساتي من قبل المجتمع والدولة .

آفاق مساندة أدوار المرأة الريفية
في هذا السياق الذي يبدو مغلق إلى حد ما، أمام المرأة في الريف اليمني، تتجلى تجارب ملهمة في بلدان أخرى، يمكن الاستفادة منها والعمل عليها، مثل تجربة المغرب التي سعت إلى تمكين النساء الريفيات عبر إنشاء التعاونيات الزراعية التي كان لها دور بارز في دعم ومساعدة المرأة الريفية، إضافة للتجربة النيبالية، المتمثلة في برامج التمويل الصغير للنساء الريفيات، وتجربة مؤسسات القروض الصغيرة في بنجلادش. هذه التجارب توفر فرص التمويل الصغير والتدريب المهني، إلى جانب تحسين فرص التعليم، وبالتالي مضاعفة إنتاجية النساء في الريف.

كما يمكن للحكومة والمنظمات الدولية تبني برامج تشاركية تركز على المرأة كقوة منتجة، عبر منحها أدوات العمل الزراعي، وتسهيل وصولها إلى الأسواق المحلية، وتعزيز البنية التحتية الريفية لضمان استدامة مشاريعها الصغيرة.
إلى جانب تعزيز ثقافة التعاون بين أفراد المجتمع الريفي، كأحد أهم محركات النهوض الاقتصادي من القاعدة، لأن المجتمعات الريفية القادرة على تنظيم جهودها عبر الجمعيات التعاونية أو المبادرات المجتمعية تحقق نتائج ملموسة في الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بشكل أسرع وأكثر فاعلية .
إضافة للدور المحوري الذي ينبغي أن تضطلع به المؤسسات الوطنية والدولية في دعم التنمية الريفية، خاصة من خلال توفير التمويل والتدريب وبناء القدرات. فقد أطلقت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) عدة مشاريع في اليمن تستهدف النساء الريفيات في مجالات الزراعة المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية.
علاوة على أهمية اسهمت منظمات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تنفيذ مبادرات تعزز دور المرأة كعنصر فاعل في الاقتصاد المحلي، فيما لو تكاملت الجهود نحو تحقيق هدف الارتقاء بمستوى المرأة الريفية في اليمن، وتعزيز دورها على المدى الطويل.

