وسن عز فنانة شابة تحمل بصوتها الأمل وتُحيي روح التراث

شارك المقال

أمل وحيش- نسوان فويس

في ظل واقعٍ تتعطّش فيه الساحة الفنية اليمنية لأصواتٍ شابة تُبث الأمل وتُرسخ الحب بديلاً عن الحرب، لمع نجم فنانة يمنية صاعدة، استطاعت بصوتها العذب وأدائها المتقن أن تأسر قلوب المستمعين وتحقق حضوراً لافتاً عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. يحمل صوتها بين نبراته ملامح التراث الأصيل، وحداثة الإحساس، وجاذبية الحضور، مما جعل أعمالها التراثية والخاصة تحظى بإعجاب جماهيري واسع داخل اليمن وخارجها.

“وسن عز”، هي فنانة شابة اختارت الظهور بصوتها فقط واتخذت لنفسها اسماً فنياً مستعاراً لتُخفي ملامحها وهويتها الحقيقية، معتبرة مسألة ظهورها صوتًا وصورةً هي قناعة شخصية، منصة “نسوان فويس” أجرت حوارا معها، إليكم تفاصيله:

تُؤمن وسن بأن الفن الجيد يستطيع الوصول إلى مسامع الناس دون الحاجة إلى وسيط مرئي، كما أنها ترى أن الحياة الشخصية ينبغي أن تظل بعيدة عن المجال الفني، فـ”الوسيط بينها وبين جمهورها هو صوتها وإحساسها”.

من الدندنة إلى الانتشار

بدأت وسن رحلتها الفنية بدندنات عفوية بين صديقاتها، إلى أن وصل صوتها إلى مسامع الموزع الموسيقي ماهر نوفل. لُقب نوفل صوتها بـ”الجوهرة” وأصر على ظهوره للعلن، مؤكداً أنه “صوت ينبغي أن يصل للناس”.

وهكذا كانت البداية بأداء مجموعة من أغاني “الكوفر” لأغاني يمنية، خليجية، وعربية، والتي نُشرت على حسابات وسن عز في مواقع التواصل الاجتماعي.

برز اسم وسن عز بشكل لافت في الوسط الفني بعد أدائها لأغنية الفنان حمود السمة “قد فقدته موت أشتي أبسره”. هذه الأغنية انتشرت بشكل كبير بين أوساط الجمهور، مما لفت الأنظار إلى هذا الصوت الجميل القادم بقوة في الساحة الفنية اليمنية، وربما العربية.

ندرة الفرص والإمكانيات

يُعد المال الركيزة الأساسية لإنتاج أي عمل فني يُراد له الظهور بجودة عالية تُمكّنه من المنافسة بقوة في الساحة الفنية. فالعمل الفني هو نتاج خليط من الجهود المبذولة والتعاون المشترك بين فريق عمل متكامل من كلمات، لحن، توزيع، ومكساج، حتى يظهر العمل بالشكل اللائق الذي يُرضي ذائقة الجمهور. هذا ما يجعل وسن تتأخر في نشر أغانٍ جديدة لها.

وتُؤكد وسن أنه في حال توفرت الظروف والإمكانيات المطلوبة، فسيكون هناك ألبومات غنائية لها، ولن تكتفي بأغاني الكوفر أو الأغاني الفردية التي تُصدرها بين الحين والآخر.

عروض احترافية ومبادئ ثابتة

وصل صوت وسن إلى منتجين خليجيين أشادوا بموهبتها، مما دفعهم لعرض توقيع عقود عمل حصرية معها. إلا أن بعض بنود هذه العقود لم تُناسبها، وكانت تتعارض مع مبدأها الفني القائم على الحرية وعدم الاحتكار.

كما عُرض عليها الغناء في مناسبات مختلفة بمحافل خليجية ودولية، منها حفلات الزفاف، إلا أنها اعتذرت عن هذه المشاركة، لكونها مُكتفية بالظهور بصوتها فحسب. وتكتفي حالياً بتسجيل الزفات والإهداءات لمن يطلب من اليمن ومختلف الدول.

إجادة الألوان الغنائية وتجديد التراث

لا تعتمد وسن على أداء لون غنائي واحد، فهي تتنوع بين التراث اليمني الأصيل واللون الخليجي. موضحة بإنه لا يوجد لون معين تميل إليه، فميولها لكل ما تشعر به وترى أنه يمثلها ويُضيفه صوتها إلى رأيها الفني. يتم اختيارها للأغاني بعد استشارة ذوي الخبرة الذين تتعامل معهم في المجال، وفي مقدمتهم الموزع الموسيقي ماهر نوفل، الذي تُقدم له الشكر كونه الداعم الأول لها معنوياً ومهنياً، وتُقر له بفضله في اكتشاف موهبتها وإظهارها للناس بالشكل الذي يليق.

ترى وسن أن تجديد الأغنية اليمنية التراثية يُعد تجربة ممتعة وقد تعلمت منها الكثير. كانت تجربتها في الميدلي الأول الذي تجاوز المليون مشاهدة على منصة يوتيوب، ثم تلاه ميدلي آخر بدأ بكسر حاجز 4 ملايين مشاهدة خلال سنة واحدة.

هذا الصدى الكبير للأغاني التراثية بصوتها يُشعرها بالفخر والاعتزاز، كونها تساهم في إبراز التراث والفن اليمني بصورة مشرفة. هذا الصدى الإيجابي لاحظته من خلال طلب الجمهور المتزايد بتقديم المزيد، وغناء كل أغنية في الميدلي على حدة، حتى يتشبع الجمهور من صوتها العذب الذي يلامس شغاف القلوب.

قبول جماهيري وأغانٍ خاصة  

“الحمد لله أولاً وأخيراً على نعمة التوفيق والقبول”، هكذا عبرت وسن عن شكرها وامتنانها لردود الفعل الإيجابية من الجمهور وحبهم لصوتها والأغاني التي تؤديها. تعتبر هذا التفاعل الإيجابي مع كل عمل تنشره أمراً مبهجاً يجعلها تُفكر ملياً في كل عمل تُقدمه، آخذة بالاعتبار أن يكون عملاً مرضياً لذائقة الجمهور.

طرحت وسن عز ثلاث أغانٍ خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي، منها أغنية عن الأم من كلمات الشاعر عبد المجيد الورع وألحان الفنان عبد المجيد العكاد وتوزيع ماهر نوفل.

كما قدمت أغنية غزلية بعنوان “يا أخي حب” من كلمات الشاعر أسامة العمري ولحن وتوزيع ماهر نوفل. ولم تنسَ أن تُغني للجريحة “غزة”، وهي من كلمات وألحان وتوزيع ماهر نوفل. وما يزال إبداع وسن مستمراً، فهي تستعد لإصدار أغانٍ جديدة سترى النور قريباً.

تتعاون وسن مع مجموعة من الشعراء والشاعرات الشباب، من بينهم الشاعرة اليمنية جمانة جمال، في كتابة وتلحين بعض الأغاني، منها الخاصة بمسلسلات رمضان 2025، مثل أغنية “بدقة قلب” في مسلسل “درة”، التي لاقت رواجاً كبيراً هذا العام. هذه التجربة تأتي بعد تجربة سابقة في أغنية “ظلمتوني” التي أدتها في مسلسل “لقمة حلال”، الذي عُرض العام الماضي.

وتُعد وسن هذه التجربة فريدة ورائعة، كونها لاقت استحسان المتابعين. كما أن لديها تعاوناً قادماً مع مجموعة من الشعراء والملحنين الشباب في أعمال سيُعلن عنها لاحقاً.

احتياج ورسالة

عن أهم ما يحتاجه الفنان اليمني، ترى وسن أن الفنان اليمني ينقصه الإشراف الفني والاختيار الصحيح للكلمة واللحن والتوزيع، بالإضافة إلى السخاء في إنتاج العمل في حال وجود المادة. أما في حال عدم وجود المادة، فيحتاج للتمويل لإنتاج عمل فني ذي جودة عالية، بحيث يمكنه ذلك من المنافسة في السوق العربي، وقد يكون العالمي حسب التوجه الفني والفئة المستهدفة بالعمل.

وعن جديدها، تقول وسن عز لمنصة “نسوان فويس” إن هناك عدة أعمال فنية لا تزال قيد التنفيذ وينقصها بعض التمويل، إلا أنها تثق بأن هذه العثرات ستُزال وتعد جمهورها بأن هذه الأعمال سترى النور في القريب العاجل.

تتمنى وسن عز أن يكون صوتها من الأرقام الصعبة في مجال الغناء، كما تؤكد تمسكها بنشر التراث الغنائي اليمني بالشكل الذي يليق به وبالمستمعين.

في ختام حديثها، تتمنى وسن لكل الفنانات الشابات والمبدعات ما تتمناه لنفسها من التميز والنجاح، وتوجه تحية حب لكل من وقف بجانبها وساندها ليصل صوتها للجمهور، الذي تأمل أن تبذل كل ما بوسعها لإسعاده بما تقدمه من فن.

وسن عز ليست مجرد صوت جميل؛ بل هي رسالة أمل تتردد في زمن يبحث فيه الكثيرون عن بصيص نور وسط ضجيج الحرب. اختارت أن تغني من قلبها، وبصوتها فقط، فنجحت في أن تترك أثراً عميقاً في قلوب المستمعين، وتفتح باباً جديداً للفن اليمني الشاب الذي يستحق أن يُسمع ويُحتفى به. ومع كل نغمة تُقدمها، تُثبت أن الإبداع الحقيقي لا يحتاج إلى صخب، بل إلى صدق وإحساس عميق.

مقالات اخرى