عاملات في سبيل العيش ….ضحايا التحريض

شارك المقال

  خديجة الجسري-نسوان فويس

  لمحة
اندلعت الحرب باليمن في مطلع العام 2015م ع أثرها دخلت المنظمات الدولية الإنسانية الإغاثية اليمن ، ولعبت المنظمات الدولية في اليمن دورًا كبيرًا, في تقديم المساعدات الإنسانية  سواء في إقامة المشاريع الإغاثية  الطارئة أو المستدامة فقد ساهمت بعض المنظمات في دعم القطاع الصحي, والاهتمام بالطفل والأم في مشروع الأمومة والطفولة ،ومشروع دعم التعليم, وتمثل في بناء المدارس وتوفير الكتاب المدرسي، بالإضافة إلى مشروع الإصحاح البيئي ، ودعم النازحين, وغيرها من المشاريع الإنسانية.
كانت هذه المنظمات بحاجة إلى عاملين في كل القطاعات من مثقف مجتمعي إلى مدير منظمة ؛ ولأن أغلب المساعدات كانت للفئة الأضعف باليمن المثلة بالمطلقات والأرامل والأسر التي تعيلها أمر والأسر الأشد فقراً وكانت المنظمات محافظة ع عادات اليمن وتقاليده فقد أولت المرأة الأولوية بالتوظيف ؛ بينما كانت المرأة بحاجة ماسة للعمل في ظل انقطاع الرواتب والتحاق الرجال في جبهات القتال أو تشردهم أو هجرتهم ، فكان حقاً عليها وواجب أن تساعد والدها وتسند زوجها وتنفق ع أولادها وتعاون أخيها فتوظفت في المنظمات وكانت فرص ثمينة وجيدة ؛ لكن …لكن ماذا ؟؟؟!!!
المتنطعين المتشددين من اصحاب التطرف الديني والمرجفين ومرضى النفوس ، والذين لم يستطيعوا الوصول إلى التوظيف في منظمة ما وليس لديهم بنات متعلمات كل هؤلاء الشواذ المجتمعية عملوا حملة شعوا ع موظفات المنظمات ودخلوا في حياتهن وعرضوا عليهن في شرفهن وفي أخلاقهن منهم من عمل اسماء وهمية كالحساب الوهمي سمية الخولاني المعروف والذي كذب آلالاف الكذبات الملفقة ،  مما جعل الأسر الريفية التي لا تعرف مغزى الذباب الالكتروني تسحب بناتها من العمل لتجلس ع حافة الوجع تتجرع ألم الفقر والحاجة من جديد ..ياسمين عبدالله لمنصة نسوان فويس مدربة في  النوع الاجتماعي .

بداية التحريض

تقول الناشطة الاجتماعية سوسن عبدالله لمنصة نسوان فويس : بدأ التحريض الممنهج ضد العاملات في مطلع العام 2022 م عندما قام حساب وهمي باسم ” سمية الخولاني “بنشر شهادات بسفر بنات إلى الخارج مع منظمات دون علم أولياء أمورهن وتواجدهن بعدن وجابت اسماء فنادق غير موجودة بعدن وبعد التحري من قبل الحكومتين طلع الخبر كذب والحساب وهمي ولا جود لأسماء هذه المنظمات ولا اسماء الفنادق ولا سفر عاملات ، وإنما الموضوع كله تحريض وتشوية سمعه صدقه من صدقه وكذبه من كذبه ، كل ذلك أدى إلى زعزعة واستقرار المجتمع والعاملات في المنظمات والمنظمات نفسها والمسؤولين ع المنظمات ايضاً ، وكان قد سبق ذلك المتشددين الدينين في جنوب اليمن من السلفيين ولكن لم يظهروا ع وسائل الاعلام وإنما في المساجد وفي الحارات ، بعدها صعدوا منابر السوشل ميديا البرلماني الاخواني عبدالله العديني ، وغيره كثير من أمراض النفوس حتى وصل الحال إلى إن كل مريض نفسياً يطلع ويكتب خطاب .

فاتن محمد ” اسم مستعار ” من احدى المناطق الريفية بإب قالت لمنصة نسوان : كنت أعمل في منظمة اليونيسف مثقفة بالشهر ب100$ وعندما انتشر حساب ما يسمى ” سمية الخولاني ” والدي منعني من الشغل رغم ان والدي عاطل عن العمل وكبير بالسن وكانت ال100 $ دخلنا الوحيد وعملي بسيط إلى جانب ذلك كنت احصل حوافز وحق تدريبات ؛ ورجعنا لحياة الفقر والحاجة ،
أما أنغام عبدالله من الضالع تقول : أهلي أسرة واعية من تربية صنعاء لم يتأثروا بأي خزعبلات من مواقع التواصل الاجتماعي ويثقوا ان المنظمات جت للإغاثة فقط والبنت المربية محد بيضحك عليها ..
ومن شمال الضالع أيضاً لبنى ” اسم مستعار ” تقول والدي متدين أول منشور شافة لعبدالله العديني قال المنظمات دخلت للفساد فصلني من عملي وأنا كنت اعمل بالتثقيف المجتمعي فقط في منظمتين واستلم مقابل محترم ولم يكتفي أنه منعني من الشغل بل ادخلني تحقيقات مكثفة ماذا تعلمنا المنظمات وماذا يقولوا لنا ؟ وأنا اقسم له أيماناً أنه لا يعلمونا شيء سواء عملنا ويوصونا ع الحفاظ ع العادات والتقاليد؛ لكنه صدق البرلماني عبدالله العديني من خلف الشاشة ولم يصدقني ويصدق تربيته فحسبي الله في كل من لم يخاف الله في عروض الناس .

ولهذا التحريض جانب نفسي سلبي قد يأثر ع العاملات بشكل أو بآخر الدكتور صخر الشدادي  اخصائي أمراض نفسية قال لمنصة نسوان فويس حول الموضوع : يحصل للعاملات  صدمة من واقع المجتمع بسبب انهم حاولوا جاهدين عملية مساعدة أسرهن وأخوانهن واولادهن حتى تكفل اسرتها العيش الكريم ، ومع ذلك المجتمع لم يقدر تضحيتها ولا جهدها ولا بذل وقتها ولا تحمل مسؤوليتها ليست مسؤوليتها هذا يعود لهن بعملية الصدمة النفسية؛  ثم يدخل البعض بعملية اكتئاب والبعض بعملية بعدم التقبل للمجتمع والشعور بالغربة من المجتمع عملية النفور وعدم التقيد واعراف المجتمع بسبب ظلمه وجحده بسبب احكام الذي هي بالأول والاخير ع الام والاخت والبنت وع الزوجة وهذا كله يمنيه تعتبر اختنا وبنتنا فلذلك تشعر بعدم التقدير،  وتدخل البعض  بحالة قلق  وحالة وسواس وهذا كله ع حسب  نوع الشخصية في المجتمع .

الآثار الاجتماعية

يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء د/ عادل الشرجبي لمنصة نسوان فويس إن : تشويه سمعة العاملين في المنظمات الأجنبية، مهمة يمارسها كثير من شيوخ الإسلام السياسي، سواء كان العاملون في المنظمات الأجنبية رجالاً أو نساء، لكنها أكثر تأثيراً على النساء لأنهم يروجون دعايات وإشاعات وأكاذيب تتعلق بأخلاقهن وشرفهن، ويدعون أن المنظمات الأجنبية تنشر ثقافة الرذيلة والتهتك الأخلاقي والشذوذ الجنسي وغير ذلك من الإشاعات التي تؤثر على علاقة الفتاة بأسرتها وبالمجتمع.
يهدف هؤلاء من خلال هذه الإشاعات إلى الإبقاء على حالة العزلة التي يعيشها الإنسان اليمني، وعدم اتصاله بالمنظمات الأجنبية التي تشكل آلية من آليات الاتصال بالمجتمع الدولي والثقافات الأخرى والعولمة، حتى يبقون هم الوحيدون القادرون على تشكيل توجهات المواطن اليمني الثقافية والسياسية.

الحماية القانونية
تمهيد : هل يمكن إضفاء الحماية الجنائية وفقاً للقانون اليمني للعاملات بالمنظمات الدولية والمحلية باليمن ؟!
تكييف الواقعة / بعد الاستقصاء من القانونيين بقيادة القاضي جياب الحدي استخلصنا في منصة نسوان فويس :  إن الواقعة الجنائية التي تحصل من قبل المعترضين  للعاملات بالمنظمات هي واقعة ” سب ” وفقاً للمادة رقم ( ٢٩١) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني التي نصت على 🙁 هو اسناد واقعة جارحة للغير لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من اسندت اليه قانونا او اوجبت احتقاره عند اهل وطنه وكذلك كل اهانة للغير بما يخدش شرفه او اعتباره دون ان يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة اليه) .
أما إذا تعرضت بعض أو كل العاملات لاعتداء  جسدي قد يطالها ؛ لأنه في هذه الحالة تكون هذه الواقعة تحريض باعتباره شكل من أشكال المساهمة الجنائية ، بحسب الواقعة التي تطال العاملة في المنظمة ، قتل أو شروع في الفتل أو إيذاء عمدي .
النص الواجب التطبيق بعد الاطلاع ع قانون الصحافة والمطبوعات تبين أن القانون المذكور لا ينطبق ع الواقعة إلا إذا صدر من أحدى الإعلاميين كما نصت عليه المادة ( ٥)  الباب الثاني تنظيم النشاط الصحفي الفصل الاول شروط وقواعد العمل الصحفي من قانون الصحف والمطبوعات ،التي حدد سريان القانون من النطاق الشخصي ع العاملين بالمهنة المذكورة وبالتالي. فلا مناص من تطبيق النص التقليدي الوارد في قانون الجرائم والعقوبات حسب ما أشير إليه آنفاً .
و يرى رجال القانون إن الحماية القانونية الجنائية التي وضعها القانون اليمني غير كافية لحماية المرأة العاملة ، وهو ما يتوجب معه إعادة النظر في هذا الشأن نظراً  لكثرة انتشار وتفشي هذه الأفعال والأقوال التي طالت الكثير وأثرت ع شرفهن وسمعتهن وحالتهن المادية والمعنوية ، ولذلك نوصي المشرع اليمني بتشريع واضح لإسباغ الحماية القانونية لهذه الفئة التي اصبحت في جزء كبير من المجتمع .

إراء المدافعين عن حقوق الإنسان

يقول مرسل الشبيبي، ناشط حقوقي وصحفي في وزارة حقوق الإنسان لمنصة نسوان فويس: كناشط في المجال الإنساني وكموظف لدى وزارة حقوق الإنسان، فإننا ومن خلال القضايا الحقوقية والإنسانية التي تواجهنا، لا يمكننا العمل بدون تواجد المرأة إلى جانبنا. كون المرأة والطفل هم من يتعرضون للظلم والاضطهاد والتنمر والتعنيف بكل أنواعه وأشكاله، وهذا ما يجعل تواجد المرأة ضمن العاملين في المجال الحقوقي والإنساني أمر لا يمكن الاستغناء عنه.

فيما يخص حملة التحريض ضد المرأة، أقول أولاً: ما تم تناوله وإثارته في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين وبعض الجهات كجماعات دينية وغيرها يعد أمرًا سلبيًا وتنمرًا غير مقبول على المرأة اليمنية المعروفة بعفتها وعنفوانها ومكانتها على مر التاريخ، إذ تمثل المرأة نصف المجتمع كمبدأ من مبادئ الحياة. ومن المؤسف أن من تناولوا الموضوع كان ظاهرًا في حملتهم التعنيف اللفظي والمعنوي من خلال تلك الحملة، والتي تناولت أمورًا لا يتقبلها العقل ولا المنطق. فالجماعات الدينية المتطرفة لها آراء كثيرة تحرم المرأة من أبسط حقوقها.

أما عن الناشطين الذين تحدثوا حول ذلك، فقد يكون غالبيتهم إن لم يكونوا جميعًا لا يؤدون الواجبات الدينية كالصلاة والزكاة والحج وقد يكونوا من قاطعي الأرحام. فكيف بمن يتخلى عن واجباته أن ينصف غيره؟ والتاريخ ينقل لنا تجارب عظيمة ونجاحات بارزة على مر العصور كان للمرأة فيها أدوار محورية وحققت نجاحات كبيرة. فلنا في الملكة بلقيس والسيدة أروى كيمنيات أكبر مثال.

ندرك حجم المؤامرات على مجتمعنا من جميع النواحي وندرك أن هناك أهداف خفية قد تعمل عليها بعض المنظمات، وهو ما يسمى بالحرب الناعمة. ولكن في الأول والأخير يجب علينا أخذ الأمور بما يجب، لا من باب المنع والطعن في المرأة اليمنية والإقصاء والتهميش لدور المرأة في كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.

لقد دعمت المنظمات القطاع الصحي وقطاع التربية والتعليم كأبرز جهات استقبلت المنظمات، وكذلك برامج التغذية العالمية. جميع المشاريع نفذت عبر المدارس. من هنا، فيستحيل أن تقدم الخدمة دون وجود الكادر النسائي. فكيف للمشاريع التي قدمت لوزارة الصحة أن تنفذ في ظل غياب الكادر النسائي؟ حتى مشاريع الإنقاذ وقت الحروب والأزمات لا يمكن الاستغناء عن الكادر النسائي. لذلك، لا يمكن لأي جهة أو مؤسسة الاستغناء عن الكادر النسائي حتى أن لها أدوار مهمة وبارزة في قوات الأمن والجيش.

ما أود قوله في تلك الحملة التي قادها بعض أصوات النشاز هو أنها لا تمت بأي صلة لا بأخلاق ولا بدين، وإنما هي عقليات ذكورية بحتة هدفها تقزيم وتحجيم دور المرأة بغرض إضعافها لتبقى ثقافة هيمنة الذكر على المرأة هي السائدة. لم أجد أي سبب لتلك الآراء العقيمة سوى الشعور بالنقص من قِبَل أصحابها حين أدركوا أن قوة المرأة لها ارتباط وثيق باستقلالها ماديًا لينعكس ذلك على استقلالها النفسي والمعنوي، وهذا الشيء لا يروق لهم أبدًا.

الإعلامية صباح الشغدري: خروج المرأة إلى سوق العمل ليس بالأمر المسيء لها إن لم يكن هذا وسامًا وشرفًا، فهي الأم والأخت والزوجة. المرأة نصف المجتمع ومسألة خروجها مسألة طبيعية. وأعتقد أن هذا ليس بجديد عليها، فهي شريكة الرجل في العمل سواء برعي الأبقار أو الزراعة والفلاحة. وبسبب الظروف المعيشية الصعبة والأوضاع الاقتصادية الراهنة أصبحت مشاركتها مسألة وجودية للأسرة وحفاظًا على الأسرة سواء في العمل المؤسسي أو غيره. والعمل المؤسسي المتمثل في منظمات المجتمع المدني يعتبر حاضنًا ومدربًا ومؤهلًا للمرأة في شتى مجالات العمل، وذلك وفقًا للنظام والقانون المعمول به بأي بلد.

 

مقالات اخرى