عندما تكون الإرادة أقوى من التحديات: قصة كفاح امرأة يمنية لتحقيق حلمها الدراسي

شارك المقال

لميس الصوفي-نسوان فويس

لا يصل الإنسان إلى أعلى سلم النجاح دون أن يمر بمحطات التعب والإنتكاس، وصاحب الإرادة لا يطيل الوقوف على أعتاب هذه المحطات بل يجعل منها سببًا يدفعه نحو العلى. وما ندى العزعزي إلا مثال حي على ذلك.

ندى العزعزي، ذات التسعة والثلاثين عامًا، امرأة من بين العشرات من الأمهات أمثالها اللائي قررن العودة إلى مقاعد الجامعة عبر نظام الدراسة عن بعد. ومشاركة قصتها ليست إلا دافعًا للنساء الأمهات الحالمات، بأن نيل الأحلام لا يأتي بالتمني بل بالإصرار والعزيمة والتحدي.

العادات والتقاليد

تقول ندى العزعزي (39 عامًا): “تجربتي للعودة للدراسة لم تكن بالسهلة إطلاقًا، واجهت تحديات كثيرة ومصاعب، تمثلت بين صراع نفسي وحالة صحية صعبة، إضافة إلى العادات والتقاليد التي أعتبرها إحدى أبرز الصعوبات التي واجهتها. فكوني أمًا وزوجة، يتحتم علي أن أقوم بواجباتي والتزاماتي نحو أسرتي وأن أمنحهم من وقتي وجهدي قدر المستطاع كما أمنح شغلي ودراستي”.

في حديثها لـ “نسوان فويس”، تضيف ندى: “تزوجت بعد تخرجي من الثانوية وانقطعت عن دراستي الجامعية حينها بسبب زواجي في سن مبكر جدًا. كانت فترة مؤلمة بالنسبة لي كفتاة شغوفة وتواقة للعلم، باتت الدراسة حلمًا بعيد المنال حينها -وانقطعت عنها سنوات- أنجبت خلالها ابنة واحدة، وحصلت خلالها مشاكل أسرية انتهت بالانفصال. عشت حينها فترة صعبة، كنت وحيدة مكسورة جدًا أحمل على عاتقي مسؤولية طفلة وأسرة، فكرت كثيرًا، اتخذت بعدها قرارًا وهو أن أكمل دراستي الجامعية، لم أدع مجالًا لليأس في قلبي”.

تعتقد إشراق المذحجي، ناشطة في حقوق المرأة، “أن أهم المعيقات التي تواجهها المرأة تتمثل في البيئة المحيطة التي تقيد الأسرة بنظام بيئة معينة، غير مهتمة بتعليم المرأة ويلزمها بتركه معتقدين أن دورها لا يتعدى تربية الأولاد وإدارة شؤون الأسرة”.

العمر مجرد رقم

ندى الآن زوجة وأم لولدين وثلاث بنات، لكنها ترى مسيرة طلب العلم لا تنتهي مع عامل الوقت وتقدم العمر، وعلى الإنسان ألا يسمح لشيء بأن يوقف طموحه. وأن يتوقف لظرف، وكل توقيت هو مناسب ما دامت الرغبة موجودة والإرادة قوية.

تقول ندى: “كنت أحلم منذ صغري أن أكون طبيبة أو مهندسة معمارية ولكن مشيئة الله… ندى الآن طالبة في سنتها الأخيرة في إحدى الجامعات الخاصة بتخصص “إدارة أعمال”. تقول ندى: “كثيرًا ما قيل لي أن مجال إدارة الأعمال يناسبني كوني أملك مهارة القيادة والإدارة، كان تحصيلي الدراسي رائعًا طوال الثلاث سنوات الماضية، والحمد لله اختيار الله لي كان هو الأنسب”.

تشجيع ودعم

لطالما كانت ندى مصدر الدعم والمشجع الأول لنفسها ولم تمنعها أمومتها من تحقيق حلمها بل سرقت من الوقت وقتًا ولاحقت حلمها حتى بلغته. تقول ندى: “ابنة جدي رائدة أعمال ناجحة في إحدى الدول العربية كانت هي ملهمتي الأولى وسبب إصراري في مواصلة تعليمي”.

فيما تؤكد عائدة الحروي، أخصائية اجتماعية، على ضرورة التعليم للمرأة قائلة: “لابد أن تتعلم المرأة ولا تجعل العمر عائقًا لها… مهما كان تفكير المجتمع فلا تنظر للخلف ولا إلى أي آراء محبطة ولتمضي رافعة رأسها بكل شموخ فهي طالبة علم ومن طلب العلم نجا”.

عام الحصاد

مضت السنوات سريعًا لتجد ندى نفسها في المستوى الرابع والأخير من مراحل الدراسة الجامعية، “عام الحصاد” كما وصفته. تضيف وقد خنقتها العبرة في وصف مشاعر البهجة قائلة: “شعوري وأنا على أعتاب التخرج، مرتدية قبعتي وأقف على منصة التخرج معلنة انتصاري على تعب السنين لا يوصف، تكاد عيناي تدمع لشدة فرحي، فرحلة الوصول كانت شاقة، حاربت لأجلها كثيرًا”.

وجهت ندى رسالة للنساء عامة قائلة: “لا نجاح يأتي بيسر، إرادة قوية، عزم، وإصرار ثم توكل على الله هو كل ما تحتاجنه حتى تحققن ما تردن”.

فيما كشف تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن «تعويض التعليم المفقود» أن «أكثر من 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عامًا، وبمجرد تسربهن من المدرسة تتضاءل فرص عودتهن واللحاق مجددًا بالتعليم، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الفقر والأمية العابرة للأجيال».

مقالات اخرى