حرف يدوية وكوافي شرقية بأيدي نسائية من (اللحية)

شارك المقال

افراح أحمد-نسوان فويس

حرفة يدوية تسمى (حرفة الكوافي) وهي فن من الفنون التي تشتهر به نساء مديرية اللحية؛ تقع اللحية غرب محافظة الحديدة، وحرفة الكوافي هي حرفة يدوية يشتهرون بها نساء مديرية اللحية وتم نقلها الى العديد من المديريات والعزل وهذا بسبب الصراع والنزوح حيث نزحن كثير من الأسر من مدينة ميدي الى اللحية، وهنا بدأت النساء يمتهن هذه الحرفة لأجل تحسين وضعهم المعيشي ليصبحن من فناني الخيط والإبرة.

تاريخها

تعود هذه الحرفة من 1960م وما قبل هذا الاعوام بكثير، وبدأت هذه الحرفة بشكل مختلف وصناعة مختلفة، قديما كانت تسمى ب (بكوافي الحجازي) وكانت تصنع باربع خيوط فهي متماسكة جدا بعكس الشرقي التي هي يعملون فيها النساء في اللحية حاليا فهي تصنع بخيط أو خيطين فقط. 

 

أهميتها 

تعود اهمية حرفة الكوافي كونها العائد المالي الوحيد لكثير من الأسر في مديرية اللحية، ومع سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد مع الصراع الدائر منذ عام 2015م وحتى الآن أصبحن نساء محافظة الحديدة (المدينة) يمتهنون هذه الحرفة لأجل رفع مستوى المعيشة .

أدوات حرفة الكوافي 

تصنع الكوافي البيضاء و كما يتداول الأسر اسمها في مديرية اللحية ب(الكوافي الشرقي) من الخيوط القطن والإبر، وعند أخذ آراء النساء في اللحية حول نوعيات الابر و مقاساتها، أجابن بأن هناك مقاسات عدة (12_13_14_20_21) وإن مقاس (12_14) هي الأفضل كونها تجعل الكوفية متماسكة أكثر وتبين النقوشات أوضح. 

أشكالها 

تتنوع الكوفية الشرقية بفنون جميلة، نساء تتفنن بنقش الكوفية بأشكال حصرية منها ” السياره والبلاطة وأيضا شكل البسكوت وشكل المزهريات والقلوب ” و منهن من يتفنن برسم الكوفية بالخيط والإبرة بكتابة أسماء ماركات أو أسماء أشخاص . 

حرف يدوية تبني بيتا !

في مديرية اللحية تعيش أسرة تحلم بأن يكون لديها بيت كل يوم، تتكون هذه الأسرة من سبعة أشخاص أم وأب و ولد وأربع فتيات، كان الأب يعمل في التدريس (معلم رياضيات) والأم ربة منزل كونها لم تستطع اكمال تعليمها حالها كحال كثير من الفتيات. 

فقد الأب مصدر رزقه عندما شن الصراع على اليمن عام 2015م ومع انقطاع الرواتب تغير وضع الأسرة اقتصاديا، بدلا من التفكير في كيفية تحقيق الحلم أصبحوا يفكرون كيف يدبرون قوت يومهم، لم يستسلم الأب ولا الأم ولا الفتيات لهذا الأم التي كانت تحب صناعة الكوافي وهي لا زالت ببيت والدها إلا أنها ابتعدت عنها قليلا بسبب انشغالها بعائلتها. 

تقول الأم: رزقنا الله انا وزوجي بأربع فتيات ذكيات يتعلمن سريعا، بدأت بتعليمهن حرفة الكوافي بالرغم من صغر سنهم إلا أنهن اصبحن ينتجن 4 كوافي في اسبوعين وكل كوفية تبتاع ب( 4000 ريال للواحدة )، هذه الأسرة لم يكن لديها منزل ففي بداية زواجنا كان دخلنا بسيط يكفي فقط لاحتياجات الأسرة الأساسية ومع عزم الأم والفتيات الذين تعبو من عدم الاستقرار في بيت العائلة ويحبون أن ينفردوا بحياتهم، استطعن شراء أرض صغيرة في نفس المنطقة وخلال أربع سنوات من العمل في حرفة الكوافي وشغل الأب الحر في البحر بني بيتهم الذي لطالما كان حلم لديهم. 

إنتكاسة

تقول إحدى فتيات هذه العائلة، عندما شن الصراع على اليمن عام 2015م، فقد والدي مصدر رزقه “راتبه” بسبب انقطاع الرواتب على كثير من القطاعات، وهنا أصبح والدي لا يملك راتب شهري لأجل الإنفاق، وهذا ما جعلنا نشد الهمه مع والدتي لمساعدة والدي في محاربة سوء المعيشة ومجابهة التحديات الاقتصادية التي تواجهنا وتواجه كثير من الأسر في الحديدة وبالتحديد مديرية اللحية، حيث أصبح اعتماد جميع الأسر على حرفة الكوافي لأجل لقمة العيش وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي. 

وفي السياق ذاته تتحدث عهود عبده لنسوان فويس: لم اكن امتهن هذه الحرفة لاجل المال بل كانت حرفة ومهارة لدي لأجل التسلية فقط كون صديقاتي وكل من حولي يجتمعون للعمل في هذه الحرفة ولكن جاءت الظروف علينا عند ما فقد والدي سمعة نهائيا وهنا فقد عمله ولم يذهب إلى البحر مرة أخرى كونه كان يعمل بحَّار، وهنا اختلفت الأفكار وبدأت العمل أكثر فأكثر لأجل مساعدة والدي ووالدتي بمصاريف المنزل وتلبية كل احتياجاته ورفع مستوى المعيشي. 

حرف نسائية يمتهنها رجال ! 

مع انقطاع الرواتب وسوء الوضع الاقتصادي اتجهت كثير من الأسر للاعتماد على حرفة الكوافي لتكون هي مصدر رزقهم الوحيد بالوقت الراهن، وأصبح كثير من المعلمين يعملون في الحرف اليدوية لأجل رفع مستوى معيشة أسرهم بعد فقدانهم لمصدر رزقهم. 

يقول حسين سالم (اسم مستعار): مع بداية الصراع فقد كثير من الموظفين أعمالهم ورواتبهم وأصبح الوضع الاقتصادي سيئ للغاية وكوننا في قرية صغيرة لا يوجد بها مشاريع أو  مؤسسات للعمل، اتجهنا للعمل في الحرف اليدوية وخاصة الكوافي وكأنني شخص كبير بالسن لم استطع العمل في الأعمال الشاقة، لهذا اتجهت للعمل في حرفة الكوافي وقد تعلمت هذه الحرفة من زوجتي، وها انا أنجز ثلاث كوافي في أسبوعين لرفع اقتصاد أسرتي. 

رأي ذوي الاختصاص 

يقول المختص الاقتصادي الأستاذ حامد أحمد: اليمن يعاني من أزمة اقتصادية قاسية تفاقمت على مدار سنوات الصراع منذ عام 2015م، النزاع أثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني وأدى إلى تدهور البنية التحتية وخلق تحديات جمة على مستوى توفير الاحتياجات الأساسية للأسر.  

ويوضح الأستاذ حامد: إن الريال اليمني يعاني من تدهور حاد في قيمته مقابل العملات الأجنبية، وهذا التدهور أسهم في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى تضخم كبير وانخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين، حيث أن هذا التضخم أثر بشكل مباشر على مستوى المعيشة وزاد من حدة الفقر.

ويؤكد حامد: بأن الحرف اليدوية هي من رفعت اقتصاد الأسر وحسنت من وضعهم المعيشي، كون هذه الحرف تساعد على مجابهة التحديات الاقتصادية وتحسن من وضع الأسر وترفع من القدرة الشرائية للمواطنين ويعود تأثير هذه الحرف اليدوية بشكل إيجابي على اقتصاد الوطن بشكل عام. 

 

مقالات اخرى