سبأ الجاملي – نسوان فويس
تُعَدّ سقطرى بشهادةٍ دوليةٍ أكبرَ محميةٍ طبيعيةٍ في بحرها وبرّها وأوسعَ متحف لِلثّرْوة النباتية والأعشاب الطبية والأشجار المُعمَّرة، وهي مَوْطن لأشكال جميلة من الطيور الداجنة والطيور المهاجرة التي يطيب لها العيشُ والتفريخ في هذه الجزيرة، كما يوجد بها شلالاتُ مياهٍ منحدرةٌ من أعالي الجبال، وتنتشر الكثير من الكهوف والمغارات الجبلية في مواقع عديدة من جزيرة سقطرى والجزر التابعة لها وتعتبر أحد أنماط السكن للإنسان السقطري
مثل هكذا مقومات طبيعية امتازت بها هذه الجزيرة الفريدة جعلها تنجب الكثير من الشخصيات المؤثرة والمكافحة، جعلها تعطي لنا الكثير من القصص الملهمة لأبنائها الذين نشأوا وتأثروا بها،
قصتنا اليوم تحكيها لنا شيخة مبارك رئيسة جمعية تنمية المرأة السقطرية التي كان لها لقاءً مع منصة نسوان فويس
شيخة من ابناء حديبو عاصمة محافظة سقطرى ولدت عام 1983م متزوجة ولديها طفلتين، درست الابتدائية والأساسية حتى أكملت مراحلها التعليمية وحصلت على الشهادة الثانوية، تعمل حاليًا في جمعية تنمية المرأة من أجل مساعدة الفتاة السقطرية وتمكينها في الحصول على مهنه وعمل تستطيع من خلاله الاعتماد على نفسها ومساعدة اسرتها في توفير احتياجاتها ولو البسيطة منها .
كثيرة هي قصص النجاح التي أحدثت تغييرات مهمة في حياة الأفراد والمجتمعات بأخذ زمام المبادرة لأجل ذلك، وأظهر أثرها فرقًا بيّنًا في مسار ومستقبل حياتهم في مستويات مختلفة، كما أوجدت حلولًا لمشاكل حياتية يعانون منها أو من البيئة المحيطة بهم وهذا ما ينطبق تماما مع شيخة مبارك التي تحدت كل الظروف المحيطة بها من أجل الوصول لأهدافها .
تقول : “كانت بدايتي خوف وقلق من المجتمع الذي فرض الكثير من القيود والعراقيل أمام المرأة السقطرية، كما أنه غير متقبل لفكرة شغل المرأة وعملها خاصة في الفترة التي بدأت العمل فيها، كان البعض من أفراد المجتمع يعمل على تشويش عقلي ومحاولة زرع الخوف والتردد بي، لأن العمل في هذه المرحلة ونوعيته أيضا بحسب اعتقادهم لا يناسبني كامرأة،
تضيف: “كنت أخاف كثيرًا من فكرة عدم قدرتي على تحقيق هدفي وحلمي، وجعلني هذا الأمر افكر واخطط كيف لي أن اتجاوز هذه المشكلة واثبت للجميع أهمية ما أقوم به، وأثر هذا الدور على كثير من ابناء وبنات المحافظة” .
النجاح بعد المعاناة والصبر ومواجهة الصعوبات يُعزز قدرة الشخص وثقته بنفسه، ويعود ذلك إلى تطور شخصيته بعد كل مُشكلة تعرض لها ونجح في تجاوزها، فالنجاح يجعل منك شخصًا مُهمًا يحترمه أغلب الناس، وهذا ما ساعد شيخة مبارك في الوصول لهدفها .
تقول: “الثقة بالله وبالنفس والشفافية والمصداقية في العمل، وتحمل مختلف الصعوبات والسيطرة وضبط النفس في بعض المواقف وأيضًا اليد الداعمة والمساندة لي من الأهل والمقربين جعلني اتجاوز كثير من الاحباطات التي تعرضت لها واستطعت أن أحقق الكثير من الأهداف التي رسمتها لنفسي واصريت على تحقيقها، وأهم هذه الأهداف، مساعدة نساء سقطرى في الاعتماد على انفسهن، وتعليمهن مهنة وحرفة يساعدن فيها ابنائهن واسرهن”
تضيف : “فمن الأنشطة التي قمنا بالاهتمام بها في جمعيتنا تعليم الخياطة، وعملنا على فتح صفوف لتعليم محو الامية، أيضًا فتحنا دكان لبيع الحرف اليدوية بكافة انواعها، وحرصنا على توعية النساء في مختلف المواضيع التي تهم المرأة واحتياجاتها وأسرتها،
كما قمنا في الجمعية على فتح روضة خاصة بالأطفال، وكل هذه الأمور ساعدت في تحسين سبل العيش لدى المرأة السقطرية وأتاحت الفرصة لهن للعمل في عدة مجالات وتبادل الخبرات فيما بينهن” .
لاشك أن تولي زمام مثل هكذا أعمال يحتاج للكثير من الجهد والعمل المستمر وبذل المزيد من التضحيات لفتح آفاق واسعة للمرأة السقطرية وأيضًا التعاون من قبل مختلف الجهات سواء مجتمعية او حكومية أو خاصة لدعم مثل هكذا مشاريع تنموية وذلك حتى تستمر هذه الانشطة في دعم المرأة واحتياجاتها .
تقول شيخة: “للأسف بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد كل هذه العوامل أثرت بشكل سلبي على كثير من الأنشطة في سقطرى ومنها جمعيتنا التي عانينا فيها في البداية من قلة مكائن الخياطة وأجهزة الكمبيوتر والمشكلة الأكبر التي واجهتنا عجزنا عن دفع إيجارات المبنى الذي احتوى الجمعية ما اضطرنا والقائمين عليها مغادرة المكان والبحث عن مكان آخر وإلى الآن لا يوجد أي مبنى يحتوي أنشطة الجمعية، وهذه من أكبر الصعوبات التي نواجهها حاليًا ونبحث بكل ما أوتينا من قوة عن حل لهذه المشكلة والعودة للعمل من جديد” .
برغم هذه الصعوبات والعراقيل التي واجهتها شيخة مبارك إلا أنها تؤمن أن لكل مجتهد نصيب وأن العمل المستمر والكفاح والتعاون يمكن أن يذلل كثير من المشكلات، توجه رسالة للنساء والفتيات في سقطرى
قائلة: “انصح كل الفتيات في جزيرتي الغالية أن يحرصن أولًا على التعليم ومواصلة الدراسة في التخصصات التي تعود بالنفع على الفتاة نفسها والمحافظة وابنائها، ولابد من الثقة بالنفس وعدم الخوف والقلق،
ثانيًا إياك والاستماع لكل من يحاول احباطك وتشويش عملك ودراستك وخصوصًا من بعض ابناء المجتمع الذين لاهمّ لهم سوى زرع القلق والخوف في نفوس الفتيات، واخيرًا نصيحتي لكل النساء لابد من السعي لامتلاك الأفكار والخبرات التي ستساعدكن في الوصول لأهدافكن وتحقيقها”.
تضيف رسالتها للمجتمع قائلة: “على المجتمع أن يعطي الفرص الكافية للمرأة في العمل وتشجيعها وأن يكون اليد الداعمة لها” .
النجاح ليس حكرًا على أحد، ولا فئة دون أخرى، فهو متاح وممكن لكل من يحاول بجدية واصرار، ولا حجة لأحد أن يتذرع بأي شيء، وعلى المجتمع تجنب الوصم وإعادة النظر في كثير من المصطلحات التي تطلق على النساء فتحد من تقديرهن لذواتهن ومن فرص تقدمهن، وإلا سيخسر المجتمع الكثير من الأيدي العاملة والفاعلة.