نسوان فويس – متابعات
أصدرت نقابة الصحفيين اليمنيين تقرير الحريات الصحفية خلال عشر سنوات من الحرب على الصحافة، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف الثالث من مايو.
التقرير سلط الضوء على وضع الصحفيات اليمنيات الأكثر تضررًا من الحرب والصراعات، بدأ باستعراض أبرز محطات النساء العاملات في مجال الصحافة والإعلام في شطري البلاد.
ذكر التقرير بأن نشأة الصحافة الحديثة، كانت للمرأة اليمنية بصمة واضحة في هذا المجال، حيث بدأت رائدات العمل الصحفي في جنوب اليمن بالكتابة بأسماء مستعارة في أواخر الخمسينات.
وبحسب التقرير تعد ماهية جرجرة (ماهية نجيب) أول امرأة تعمل في الصحافة اليمنية، حيث تولت الإعداد والإشراف على صفحة “ركن المرأة” في صحيفة “اليقظة” عام 1956. وفي الشمال، كانت حفيظة الجيلاني أول مشاركة نسائية في الصحافة عام 1960، عندما أنشأت صحيفة “سبأ” الصادرة من تعز صفحة مماثلة.
كما تطرق التقرير للحديث عن العمل الإذاعي، فكان للمرأة دور ريادي في العمل الإذاعي، حيث كان صوت الإعلامية الجنوبية صفية لقمان أول صوت ينطلق من إذاعة عدن عام 1954، تاركًا أثرًا بالغًا في المستمعين.
وكانت أيضًا من أوائل الوجوه التلفزيونية عند تأسيس تلفزيون عدن عام 1964.
وفي إذاعة صنعاء، سجلت زهراء طالب اسمها كأول صوت نسائي، لتنتقل لاحقًا للعمل في تلفزيون صنعاء منذ انطلاقته عام 1975. بحسب ما جاء في التقرير.
وأشار التقرير إلى أن حضور المرأة في الإعلام ظل محدودًا حتى تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، والذي شهد انتقال عدد من الإعلاميات الجنوبيات للعمل في الشمال، مما ساهم في زيادة نسبة النساء العاملات في هذا القطاع وشجع الأسر الشمالية على السماح لبناتهن بالالتحاق بالمؤسسات الإعلامية، خاصة المطبوعة والمهن المرتبطة بالإذاعة والتلفزيون.
ولفت التقرير إلى أن تأسيس قسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة صنعاء عام 1991، شُكل بجهود الإعلامية الرائدة الراحلة الدكتورة رؤوفة حسن (الذي تحول لاحقًا إلى كلية مستقلة عام 1996)، نقطة تحول حاسمة في تعزيز تواجد المرأة الإعلامية وتغيير نظرة المجتمع إلى عمل النساء في هذا المجال.
تحديات مضاعفة تواجه الصحفيات في زمن الحرب:
ونوه التقرير إلى أنه على الرغم من هذا التطور، لا يزال حضور المرأة الإعلامية هامشيًا وغير مؤثر في صناعة المضمون والسياسات الإعلامية.
مشيرا في الوقت ذاته إلى التحديات المتعددة التي تواجه الصحفيات اليمنيات، بدءًا من العادات والتقاليد المجتمعية الذكورية، مرورًا بتحدي التوفيق بين العمل والحياة الأسرية، وصولًا إلى التهديدات المتزايدة التي فرضها التطور التكنولوجي، مثل العنف اللفظي والابتزاز الإلكتروني.
وتطرق التقرير للحديث إلى العقد الأخير وما حمّله من التحديات الكبرى والأكثر قساوة، فالحرب والصراعات المستمرة، كانت الصحفيات الحلقة الأضعف في هذا الظرف الصعب، حيث تعرضن لضغوط مضاعفة شملت فقدان الوظائف، والنزوح، والمخاطر الأمنية، والقيود السياسية والتحريرية، بالإضافة إلى المخاطر الخاصة بالنوع الاجتماعي.
التقرير الذي استند إلى استبيان شمل رأي 213 مبحوث بينهم 44 صحفيه، ذكر جملة من التحديات التي واجهتها الصحفيات خلال الحرب:
خوف الأسرة من تعرض الصحفية للاعتداء (29.5% من إجابات الصحفيات): تصاعدت المخاوف من الاعتقال والتحرش والاغتصاب، مما دفع العديد من الأسر لمنع بناتها من الاستمرار في العمل الصحفي.
فرض قيود خاصة بالنساء (27.3%): تقييد الحركة والتنقل بسبب اشتراط المحرم والإذن المسبق من ولي الأمر، مما أعاق قدرتهن على تغطية الأحداث والمشاركة في الفعاليات الخارجية.
الوضع الأمني غير المستقر (25%): صعوبة التنقل داخل وخارج المدن بسبب الاشتباكات والقصف، مما جعل الوصول إلى أماكن العمل والقيام بالمهام الصحفية أمرًا بالغ الخطورة.
العادات والتقاليد التي تفضل إبعاد النساء عن الصراع (18.2%): قيود مجتمعية تحد من دور المرأة في تغطية الأحداث الميدانية.
الضغط النفسي والخوف من ردود الفعل (95.5%): شعور دائم بالخوف والقلق بعد نشر المواد الصحفية.
الرقابة والرصد (90.9%): شعور بأن نشاطهن الصحفي مراقب، مما يدفع 63.6% منهن للجوء إلى إخفاء هويتهن عند النشر.
التضييق على العمل الصحفي: طلب تصاريح مسبقة (52.3%)، طلب معلومات عن المهمة الصحفية (43.2%)، طلب مرافقة عناصر أثناء المهمة (25%).
العنف والابتزاز الإلكتروني (تعرضت له 27.3% من الصحفيات): استغلال الفضاء الإلكتروني لتهديدهن وترهيبهن.
عدم الثقة في السلطات وعدم وجود حماية قانونية فعلية (56.8% و63.6% على التوالي): إحجام الصحفيات عن تقديم شكاوى في حالات الانتهاكات.
ضعف دور النقابة في حماية الصحفيات (72.3% لم يبلغن النقابة عن تعرضهن للتهديد).
واختتم التقرير بعدة توصيات هي:
دعوة الجهات الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين إلى توفير بيئة آمنة للعمل ودعم مهني وقانوني للصحفيات.
حث المؤسسات الإعلامية على حماية الصحفيات من أي تهديدات خارجية أو تحرش داخلي وتشجيعهن على الإبلاغ عن الانتهاكات.
تبني النقابة لآلية تسهل على الصحفيات تقديم شكاوى العنف والابتزاز الإلكتروني وتدريبهن في مجال الحماية الإلكترونية.
التزام المؤسسات الإعلامية بقانون العمل وتوفير بيئة عمل عادلة وآمنة للصحفيات.
لقد كانت الصحفيات اليمنيات من بين الفئات الأكثر تضررًا من الحرب والصراعات، حيث واجهن تحديات مضاعفة نتيجة القيود والمخاطر القائمة على التمييز بسبب النوع الاجتماعي. ورغم إصرارهن على تحدي هذه الظروف، إلا أنهن يعملن في بيئة محفوفة بالمخاطر الجسدية والنفسية.